[ذكر صلاته عليه السلام أول البعثة]
قال ابن إسحق: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الصَّلاةَ حِينَ افْتُرِضَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ بِأَعْلَى مَكَّةَ، فَهَمَزَ لَهُ بِعَقِبِهِ فِي نَاحِيَةِ الْوَادِي، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ عَيْنٌ، فَتَوَضَّأَ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ لِيُرِيَهُ كَيْفَ الطُّهُورُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا رَأَى جِبْرِيلُ يَتَوَضَّأُ، ثُمَّ قَامَ بِهِ جِبْرِيلُ فَصَلَّى بِهِ وَصَلَّى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلاتِهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ جِبْرِيلُ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَدِيجَةَ فَتَوَضَّأَ لَهَا لِيُرِيَهَا كَيْفَ الطُّهُورُ لِلصَّلاةِ كَمَا أَرَاهُ جِبْرِيلُ، فَتَوَضَّأَتْ كَمَا تَوَضَّأَ لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَلَّى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَلَّى بِهِ جِبْرِيلُ، فَصَلَّتْ بصلاته. كذا ذكره ابن إسحق مَقْطُوعًا، وَقَدْ وَصَلَهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَة: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْوُضُوءِ أَخَذَ غُرْفَةً من ماء فنضح [١] بها فرجه، قاله السُّهْيَلِيُّ. وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِسَنَدِهِ بِمَعْنَاهُ. وَقَدْ رُوِيَ نحوه من الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مِنَ الْفَرِيضَةِ. وَعَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ: فَرَضَ اللَّهُ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ الصَّلاةَ رَكْعَتَيْنِ بِالْغَدَاةِ، وَرَكْعَتَيْنِ بِالْعَشِيِّ، ثُمَّ فَرَضَ الْخَمْسَ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ. وَأَمَّا إِمَامَةُ جِبْرِيلَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْبَيْتِ لِيُرِيَهُ أَوْقَاتَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ ابن إسحق وَضَعَهُ هُنَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ لاتِّفَاقِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ كَانَتْ صَبِيحَةَ الإِسْرَاءِ، وَهُوَ بَعْدَ هَذَا بِأَعْوَامٍ كَمَا سَيَأْتِي مُبَيَّنًا عِنْدَ ذِكْرِ أَحَادِيثِ الْمِعْرَاجِ والإسراء إن شاء الله تعالى.
[ (١) ] أي رش الماء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute