الأشعث بن قيس لأمه، وكان ابن عمر عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عُفَيْفٍ الْكِنْدِيِّ) قَالَ: كَانَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِي صَدِيقًا، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى الْيَمَنِ يَشْتَرِي الْعِطْرَ وَيَبِيعُهُ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ الْعَبَّاسِ بِمِنًى فَأَتَاهُ رَجُلٌ مُجْتَمِعٌ، فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ فَتُوَضَّأَتْ ثُمَّ قَامَتْ تُصَلِّي، ثُمَّ خَرَجَ غُلامٌ قَدْ رَاهَقَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى جَنْبِهِ يُصَلِّي، فَقُلْتُ: وَيْحَكَ يَا عَبَّاسُ مَا هَذَا الدِّينُ؟ قَالَ: هَذَا دِينُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي، يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ رَسُولا، هَذَا ابْنُ أَخِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَدْ تَابَعَهُ عَلَى دِينِهِ، وَهَذِهِ امْرَأَتُهُ خَدِيجَةُ قَدْ تَابَعَتْهُ عَلَى دِينِهِ، فَقَالَ عُفَيْفٌ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ وَرَسَخَ فِي الإِسْلامِ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ رَابِعًا.
وذكر ابن إسحق عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ خَرَجَ إِلَى شِعَابِ مَكَّةَ وَخَرَجَ مَعَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُسْتَخْفِيًا مِنْ أَبِي طَالِبٍ وَمِنْ جَمِيعِ أَعْمَامِهِ وَسَائِرِ قَوْمِهِ فَيُصَلِّيَانِ الصَّلَوَاتِ فِيهَا، فَإِذَا أَمْسَيَا رَجَعَا كَذَلِكَ فَمَكَثَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَا، ثُمَّ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ عَثَرَ عَلَيْهِمَا يَوْمًا وَهُمَا يُصَلِّيَانِ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا ابن أَخِي مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَرَاكَ تَدِينُ بِهِ؟ قَالَ: «أَيْ عَمِّ هَذَا دِينُ اللَّهِ، وَدِينُ مَلائِكَتِه وَرُسُلِهِ، وَدِينُ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ» أَوْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ رَسُولا إِلَى الْعِبَادِ، وَأَنْتَ أَيْ عَمِّ أَحَقُّ مَنْ بَذَلْتُ لَهُ النَّصِيحَةَ، وَدَعَوْتُهُ إِلَى الْهُدَى، وَأَحَقُّ مَنْ أَجَابَنِي إِلَيْهِ وَأَعَانَنِي عَلَيْهِ» أَوْ كَمَا قَالَ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَيِ ابْنَ أَخِي إِنِّي لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أُفَارِقَ دِينَ آبَائِي وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لا يَخْلُصُ إِلَيْكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ مَا بَقِيتُ. وَذَكَرُوا أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: أَيْ بُنَيَّ مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: يَا أَبَتِ آمَنْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ، وَصَدَّقْتُ بِمَا جَاءَ بِهِ، وَصَلَّيْتُ مَعَهُ لِلَّهِ وَاتَّبَعْتُهُ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَمَا أَنَّهُ لَمْ يَدْعُكَ إلا إلى خير فالزمه.
قال ابن إسحق: ثُمَّ أَسْلَمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَامِرِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ عَوْفِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُذْرَةَ بْنِ زَيْدِ اللَّهِ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ كَلْبِ بْنِ وَبْرَةَ (كَذَا عِنْدَ ابْنِ هِشَامٍ الكلبي) مَوْلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَكَانَ أَوَّلَ ذَكَرٍ أَسْلَمَ وَصَلَّى بَعْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ زَيْدٌ أَصَابَهُ سِبَاءٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَاشْتَرَاهُ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ لِعَمَّتِهِ خديجة بنت خويلد، بأربعمائة دِرْهَمٍ، ثُمَّ وَهَبَتْهُ خَدِيجَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَتَتَبَّعَ أَهْلُهُ خبره
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute