للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ إِلَى قَوْلِهِ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا [١] وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّمَا يُعَلِّمُكَ رَجُلٌ بِالْيَمَامَةِ [٢] يُقَالُ لَهُ الرَّحْمَنُ: كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ [٣] وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ فِيمَا قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَمَا هَمَّ بِهِ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى [٤] حَتَّى آخِرِ السُّورَةِ وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ فِيمَا عَرَضُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ حَالَ الْحَسَدُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اتِّبَاعِهِ فَقَالَ قَائِلُهُمْ: لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [٥] أَيِ اجْعَلُوهُ لَغْوًا وَبَاطِلا وَاتَّخِذُوهُ هُزُوًا لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّكُمْ إِنْ نَاظَرْتُمُوهُ أَوْ خَاصَمْتُمُوهُ غَلَبَكُمْ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ يَوْمًا وَهُوَ يَهْزَأُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْحَقِّ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ يَزْعُمُ مُحَمَّدٌ أَنَّمَا جُنُودُ اللَّهِ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَكُمْ فِي النَّارِ وَيَحْبِسُونَكُمْ فِيهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَأَنْتُمُ النَّاسُ كَثْرَةً وَعَدَدًا أَفَيَعْجِزُ كُلُّ مِائَةِ رَجُلٍ مِنْكُمْ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجل في ذلك في قَوْلِهِ: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [٦] إِلَى آخِرِ الْقِصَّةِ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ جَعَلُوا إِذَا جَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُرْآنِ وَهُوَ يُصَلِّي يَتَفَرَّقُونَ عَنْهُ وَيَأْبَوْنَ أَنْ يَسْتَمِعُوا لَهُ، فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ مَا يتلوا مِنَ الْقُرْآنِ وَهُوَ يُصَلِّي اسْتَرَقَ السَّمْعَ دُونَهُمْ فَرْقًا مِنْهُمْ، فَإِنْ رَأَى أَنَّهُمْ قَدْ عَرَفُوا أَنَّهُ يَسْتَمِعُ مِنْهُ ذَهَبَ خَشْيَةَ أَذَاهُمْ فَلَمْ يَسْتَمِعْ، وَإِنْ خَفَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ فَظَنَّ الَّذِي يَسْمَعُ أَنَّهُمْ لا يَسْمَعُونَ شَيْئًا مِنْ قِرَاءَتِهِ وَسَمِعَ هُوَ شَيْئًا دُونَهُمْ أَصَاخَ لَهُ يَسْتَمِعُ مِنْهُ. وَرُوِيَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابن


[ (١) ] سورة الإسراء: الآية ٩٠.
[ (٢) ] اليمامة: (بفتح الياء) مدينة من اليمن، على مرحلتين مع الطائف وأربع من مكة، سميت باسم جارية زرقاء وكانت تبصر الراكب من مسيرة ثلاثة أيام، يقال: أبصر من زرقاء اليمامة، فسميت اليمامة لكثرة ما أضيفت إليها، والنسبة إليها: يمامي، (انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي ٣/ ٢٠١) .
[ (٣) ] سورة الرعد الآية ٣٠.
[ (٤) ] سورة العلق الآية ٩.
[ (٥) ] سورة فصلت: الآية ٢٦.
[ (٦) ] سورة المدثر: الآية ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>