للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ ضَرَبَ عَلَى بَابِي وَسَمِعْتُ صَوْتَهُ فَمُلِئْتُ رُعْبًا ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَيْهِ وَإِنَّ فَوْقَ رَأْسِهِ لَفَحْلا مِنَ الإِبِلِ مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَامَتِهِ وَلا قَصَرَتِهِ وَلا أَنْيَابِهِ لِفَحْلٍ قَطُّ، وَاللَّهِ لَوْ أَبَيْتُ لأَكَلَنِي.

وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم جالسا فِي الْمَسْجِدِ مَعَهُ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُبَيْدٍ يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ كَيْفَ تَدْخُلُ عَلَيْكُمُ الْمَادَّةُ، أَوْ يُجْلَبُ إِلَيْكُمْ جَلَبٌ، أَوْ يَحِلُّ تَاجِرٌ بِسَاحَتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَظْلِمُونَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْكُمْ فِي حَرَمِكُمْ يَقِفُ عَلَى الْحَلَقِ حَلَقَةً حَلَقَةً،

حَتَّى انْتَهَى إِلَى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صَحْبِهِ، فَقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ ظَلَمَكَ» ؟ فَذَكَرَ أَنَّهُ قَدِمَ بِثَلاثَةِ أجمال كَانَتْ خِيرَةَ إِبِلِهِ، فَسَامَهُ بِهَا أَبُو جَهْلٍ ثُلُثَ أَثْمَانِهَا، ثُمَّ لَمْ يَسُمْهُ بِهَا لأَجَلِهِ سَائِمٌ قَالَ: فَأَكْسَدَ عَلَيَّ سِلْعَتِي وَظَلَمَنِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَيْنَ أَجْمَالُكَ» ؟ قَالَ: هِيَ هَذِهِ بِالْحَزْوَرَةِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ وَقَامَ أَصْحَابُهُ فَنَظَرَ إِلَى الْجَمَلِ فَرَأَى جِمَالا فَرِهًا، فَسَاوَمَ الزُّبَيْدِيَّ حَتَّى أَلْحَقَهُ بِرِضَاهُ، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَاعَ جَمَلَيْنِ مِنْهَا بِالثَّمَنِ، وَأَفْضَلَ بَعِيرًا بَاعَهُ، وَأَعْطَى أَرَامِلَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثَمَنَهُ، وَأَبُو جَهْلٍ جَالِسٌ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ السُّوقِ لا يَتَكَلَّمُ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا عَمْرُو: إِيَّاكَ أَنْ تَعُودَ لِمِثْلِ مَا صَنَعْتَ بِهَذَا الأَعْرَابِيِّ فَتَرَى مِنِّي مَا تَكْرَهُ»

فَجَعَلَ يَقُولُ: لا أَعُودُ يَا مُحَمَّدُ، لا أَعُودُ يَا مُحَمَّدُ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَمَنْ حَضَرَ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالُوا: ذُلِلْتَ فِي يَدَيْ مُحَمَّدٍ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ تُرِيدُ أَنْ تَتَّبِعَهُ وَإِمَّا رُعْبٌ دَخَلَكَ مِنْهُ، قَالَ: لا أَتَّبِعُهُ أَبَدًا، إِنَّ الَّذِي رأيتم من لِمَا رَأَيْتُ مَعَهُ، لَقَدْ رَأَيْتُ رِجَالا عَنْ يمينه وشماله معهم رِمَاحٌ يَشْرَعُونَهَا إِلَيَّ، لَوْ خَالَفْتُهُ لَكَانَتْ إِيَّاهَا، لأتوا على نفسي.

قال أبو عمرو كان المستهزئون الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ [١] عَمَّهُ أَبَا لَهَبٍ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالْحَكَمَ بْنَ أَبِي الْعَاصِي، وَالأَسْوَدَ بْنَ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدٍ أَبَا زَمْعَةَ، وَالأَسْوَدَ بْنَ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ، وَالْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، والحارث بن الغيطلة السهمي، فكان جبرئيل مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِمَا مِنَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَالأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، وَالأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالْحَارِثُ بْنُ الْغَيْطَلَةِ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَشَكَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ فَقَالَ: كَفَيْتُكَهُمْ، فَهَلَكُوا بضروب من البلاء والعمي قبل


[ (١) ] سورة الحجر: الآية ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>