للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزيدون على ما يقولون؟ أشهد أن رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى فِي الإِنْجِيلِ، وَاللَّهِ لَوْلا مَا أَنَا فِيهِ من الملك لأتيته فأكون أن الَّذِي أَحْمِلُ نَعْلَيْهِ وَأُوَضِّئُهُ، وَقَالَ: انْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُمْ، وَأَمَرَ بِهَدِيَّةِ الآخَرِينَ فَرُدَّتْ عَلَيْهِمَا، قَالَ: وَتَعَجَّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَشَهِدَ بَدْرًا، وَقَالَ: إِنَّهُ لَمَّا انْتَهَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْتُهُ اسْتَغْفَرَ لَهُ وَلِعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي هَذَا الْوَجْهِ خَبَرٌ مَشْهُورٌ ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الأَصْبَهَانِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ عَمْرٌو يُخَاطِبُ عُمَارَةَ:

إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَتْرُكْ طَعَامًا يُحِبُّهُ ... وَلَمْ يَنْهَ قَلْبًا غَاوِيًا حَيْثُ يَمَّمَا

قَضَى وَطَرًا مِنْهُ وَغَادَرَ سُبَّةً ... إِذَا ذكرت أمثالها تملأ الفما

ولم يذكر ابن إسحق مَعَ عَمْرٍو إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ فِي رِوَايَةِ زِيَادٍ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ بكير لعمارة بن الوليد ذكر: فَأَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ، بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ عِنْدَ النَّجَاشِيِّ فِي أَحْسَنِ جِوَارٍ، فَلَمَّا سَمِعُوا بِمُهَاجِرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَجَعَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةٌ وَثَلاثُونَ رَجُلا، وَمِنَ النِّسَاءِ ثَمَانِي نِسْوَةٍ، فَمَاتَ مِنْهُمْ رَجُلانِ بِمَكَّةَ، وَحُبِسَ بِمَكَّةَ سَبْعَةُ نَفَرٍ، وَشَهِدَ بَدْرًا مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلا، فَلَمَّا كَانَ شَهْرُ رَبِيعٍ الأَوَّلِ- وَقِيلَ:

الْمُحَرَّمُ- سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النَّجَاشِيِّ كِتَابًا يَدْعُوهُ فِيهِ إِلَى الإِسْلامِ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، فَلَمَّا قريء عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَسْلَمَ وَقَالَ: لَوْ قَدَرْتُ أَنْ آتِيَهُ لأَتَيْتُهُ وَكتب إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يُزَوِّجَهُ أُمَّ حَبِيبَةَ بنت أبي سفيان ففعل وأصدق عنه تسعمائة دِينَارٍ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى التَّزْوِيجَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَكتب إِلَيْهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَبْعَثَ إِلَيْهِ مَنْ بَقِيَ عِنْدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ ويحملهم ففعل، فجاءوا حتى قدموا المدينة، فيجدون رسول الله صلى الله عليه وسلم في خَيْبَرَ [١] ، فَشَخَصُوا إِلَيْهِ فَوَجَدُوهُ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يدخلوهم في سهمانهم، ففعلوا، وَكَانَ سَبَبُ رَجُوعِ الأَوَّلِينَ الاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ فِيمَا رُوِيَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ يَوْمًا عَلَى الُمْشِرِكيَن:

وَالنَّجْمِ إِذا هَوى حَتَّى بَلَغَ: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى [٢]


[ (١) ] خيبر: بلدة معروفة على نحو أربع مراحل من المدينة إلى جهة الشام، ذات نخيل ومزارع، فتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوائل سنة سبع من الهجرة، أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصارهم بضع عشرة ليلة: (انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي ٣/ ١٠٣) .
[ (٢) ] سورة النجم: الآية ١ ثم الآية ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>