فَوَاللَّهِ مَا يَدْخُلُ عَلَيْكَ أَحَدٌ،
ثُمَّ خَرَجَ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ إِنَّ ابْنَ أَخِي أَخْبَرَنِي، وَسَاقَ الْخَبَرَ بِمَعْنَى مَا ذكرناه.
وقال ابن إسحق وَابْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُمَا: وَنَدِمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ فَقَالُوا: هَذَا بَغْيٌ مِنَّا عَلَى إِخْوَانِنَا وَظُلْمٌ لَهُمْ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ مَشَى فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ هِشَامُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْعَامِرِيُّ وَهُوَ كَانَ كَاتِبَ الصَّحِيفَةِ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ الْعَاصُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَالْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ. إِلَى هُنَا انْتَهَى خَبَرُ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ يَتِيمِ عُرْوَةَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ. وذكر ابن إسحق فِيهِمْ زُهَيْرَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّ وَزَمْعَةَ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ. وَذَكَرَ ابن إسحق فِي أَوَّلِ هَذَا الْخَبَرِ قَالَ:
وَقَدْ كَانَ أبو جهل فيما يذكرون لقي حكيم بن حِزَامٍ وَمَعَهُ غُلامٌ يَحْمِلُ قَمْحًا يُرِيدُ بِهِ عَمَّتَهُ خَدِيجَةَ وَهِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ، فَتَعَلَّقَ بِهِ وَقَالَ: أَتَذْهَبُ بِالطَّعَامِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ طَعَامٌ كَانَ لِعَمَّتِهِ عِنْدَهُ، أَفَتَمْنَعُهُ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامِهَا خَلِّ سَبِيلَ الرَّجُلِ، فَأَبَى أَبُو جَهْلٍ حَتَّى نَالَ أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَأَخَذَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَحْيَ [١] بَعِيرٍ فَضَرَبَهُ بِهِ فَشَجَّهُ وَوَطِئَهُ وَطْئًا شَدِيدًا.
وَذَكَرَ أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ هِشَامَ بْنَ عَمْرٍو الْعَامِرِيَّ الْمَذْكُورَ وَقَالَ: كَانَ أَوْصَلَ قُرَيْشٍ لِبَنِي هَاشِمٍ حِينَ حُصِرُوا فِي الشِّعْبِ أَدْخَلَ عليهم في ليلة ثلاث أَحْمَالٍ طَعَامًا، فَعَلِمَتْ بِذَلِكَ قُرَيْشٌ، فَمَشَوْا إِلَيْهِ حِينَ أَصْبَحَ، فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنِّي غَيْرُ عَائِدٍ لِشَيْءٍ خَالَفَكُمْ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ الثَّانِيَةَ فَأَدْخَلَ عَلَيْهِمْ لَيْلا حِمْلا أَوْ حِمْلَيْنِ، فَغَالَظَتْهُ قُرَيْشٌ وَهَمَّتْ بِهِ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ: دَعُوهُ رَجُلٌ وَصَلَ أَهْلَ رَحِمِهِ، أَمَا إِنِّي أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَوْ فَعَلْنَا مِثْلَ مَا فَعَلَ كَانَ أَحْسَنَ بِنَا. وَعَنِ ابْنِ سَعْدٍ: وَكَانَ الَّذِي كتب الصَّحِيفَةَ بَغِيضُ بْنُ عَامِرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ فَشُلَّتْ يَدُهُ، وَحَصَرُوا بَنِي هَاشِمٍ فِي شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ لَيْلَةَ هِلالِ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ مِنْ حِينِ نبيء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان خُرُوجُهُمْ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ، وَقِيلَ: مَكَثُوا فِي الشعب سنتين.
[ (١) ] هما العظمان اللذان فيهما الأسنان.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute