للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إِنِّي رَأَيْتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لابَتَيْنِ» ، وَهُمَا الْحَرَّتَانِ، فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم: «على رسلك فإني أرجوا أن يؤذن لي» فقال أبو بكر:

[وهل] [١] تَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قَالَ: «نَعَمْ» فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عِنْدَهُ] [٢] وَرَقَ السَّمُرِ وَهُوَ الْخَبَطُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ فبينما نحن [يوما جلوس] [٣] فِي بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، قَالَ قَائِلٌ لأَبِي بَكْرٍ: هَذَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِدًى [٤] لَهُ أَبِي وَأُمِّي، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ قَالَتْ: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَبِي بَكْرٍ، «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدِكَ» فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بأبي أنت يا رسول الله، قال: [فإني] [٥] قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، فَقَالَ أَبُو بكر: الصحابة بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ بِالثَّمَنِ» [٦]

قَالَتْ عائشة: فجهزناهما أحثّ الْجِهَازِ [٧] ، وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا، فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الْجِرَابِ، فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذات [النطاق] [٨] ، قَالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثور، [فكمنا] [٩] فِيهِ ثَلاثَ لَيَالٍ يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ غُلامٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، [١٠] فَيُصْبِحُ مَعَ قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرا يكتادان بِهِ إِلَّا وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيهِمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حين يختلط


[ (١) ] وردت في الأصل: هل، وما أثبتناه من صحيح البخاري.
[ (٢) ] ساقطة من الأصل، وما أثبتناه من صحيح البخاري.
[ (٣) ] وردت في الأصل: بينما نحن جلوس يوما، وما أثبتناه من صحيح البخاري.
[ (٤) ] وعند البخاري: فداء.
[ (٥) ] وردت في الأصل: فإنه
[ (٦) ] وعند البخاري: بالثمن.
[ (٧) ] أي أسرعه.
[ (٨) ] وردت في الأصل: ذات النطاقين. بالتثنية، وهو لفظ أبي ذر، والنطاق: إزار فيه تكة تلبسه النساء.
[ (٩) ] وردت في الأصل: فمكثا، وما أثبتناه من صحيح البخاري.
[ (١٠) ] أي يخرج إليهما في آخر الليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>