للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنِصْفِ سَاقِهِ، وَهُوَ دُونَ الْحَوْضِ، فَوَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ تَشْخُبُ رِجْلُهُ دَمًا نَحْوَ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ حَبَا إِلَى الْحَوْضِ حَتَّى اقْتَحَمَ فِيهِ يُرِيدُ زعم أن تبر يَمِينُهُ، وَاتَّبَعَهُ حَمْزَةُ فَضَرَبَهُ حَتَّى قَتَلَهُ فِي الْحَوْضِ. ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَهُ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ بَيْنَ أَخِيهِ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَابْنِهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، حَتَّى نَصَلَ مِنَ الصَّفِّ [١] دَعَا إِلَى الْمُبَارَزَةِ، فَخَرَج إِلَيْهِ فِتْيَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ وهم [٢] :

عوف ومعوذ ابنا الحرث- وَأُمُّهُمَا عَفْرَاءُ- وَرَجُل آخَر يُقَالُ لَهُ: عَبْد اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: رَهْطٌ مِنَ الأَنْصَارِ، قَالُوا: مَا لَنَا بِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ، وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ عَائِذٍ حِينَ ذَكَرَا خُرُوجَ الأَنْصَارِ قَالَ: فَاسْتَحْيَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ لأَنَّهُ كَانَ أَوَّلَ قِتَالٍ الْتَقَى فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ ورَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِدٌ مَعَهُمْ، فَأَحَبَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَكُونَ الشَّوْكَة لِبَنِي عَمِّهِ، فَنَادَاهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ ارْجِعُوا إِلَى مصافكم، وليقم إليهم بنو عمهم.

رجع إلى ابن إسحق: ثُمَّ نَادَى مُنَادِيهِمْ: يَا مُحَمَّد أَخْرِجْ إِلَيْنَا أَكْفَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم: «قم يا عبيدة بن الحرث، وَقُمْ يَا حَمْزَةُ، وَقُمْ يَا عَلِيُّ» فَلَمَّا قَامُوا وَدَنَوْا مِنْهُمْ قَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالَ عُبَيْدَةُ: عُبَيْدَةُ، وَقَالَ حَمْزَةُ: حَمْزَةُ، وَقَالَ عَلِيٌّ: علي، قالوا: نعم أكفاه كِرَامٌ، فَبَارَزَ عُبَيْدَةُ، وَكَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَبَارَزَ عَلِيٌّ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ، فَأَمَّا حَمْزَةُ فَلَمْ يمهلْ شَيْبَةَ أَنْ قَتَلَهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَلَمْ يُمْهِلِ الْوَلِيدَ أَنْ قَتَلَهُ، وَاخْتَلَفَ عُبَيْدَة وَعُتْبَة بَيْنَهُمَا ضَرْبَتَيْنِ، كِلاهُمَا أَثْبَتَ صَاحِبَهُ، وَكَرَّ حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا [٣] عَلَيْهِ، وَاحْتَملا صَاحِبَهُمَا فَحَازَاهُ إِلَى أَصْحَابِهِ. قَالَ: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ قَالَ لِلْفتيةِ مِنَ الأَنْصَارِ حِينَ انْتَسَبُوا: أَكِفَّاء كِرَام، إِنَّمَا نُرِيدُ قَوْمَنَا، قال: ثم نزاحف النَّاس وَدنا بَعْضهم مِنْ بَعْضٍ، وَقَدْ أَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أَنْ لا يَحْمِلُوا حَتَّى يَأْمُرَهُمْ، وَقَالَ:

«إِن أكشفكم القوم فانضحوهم عنك بِالنَّبْلِ»

وَرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَرِيشِ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ.

قَالَ: وَحَدَّثَنِي حِبَّانُ بْنُ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم


[ (١) ] وعند ابن هشام: حتى إذا فصل من الصف.
[ (٢) ] وعند ابن هشام: فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة.
[ (٣) ] أي قتلاه سريعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>