للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِمَا. قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي عَوْنٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ قَالَ لَهُ: مَنِ الرَّجُلُ مِنْكُمُ الْمُعَلَّمُ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ فِي صَدْرِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: ذَاكَ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: ذَاكَ الَّذِي فَعَلَ بِنَا الأَفَاعِيلَ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَقُودَهُمَا إِذْ رَآهُ بِلالٌ مَعِي، وَكَانَ هُوَ الَّذِي يُعَذِّبُ بِلالا بِمَكَّةَ عَلَى تَرْكِ الإِسْلامِ، فَيُخْرِجُهُ إِلَى رَمْضَاءِ [١] مَكَّةَ إِذَا حَمِيَتْ، فَيُضْجِعُهُ عَلَى ظَهْرِهِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِصَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ فَتُوضَعُ عَلَى صَدْرِهِ ثُمَّ يَقُولُ: لا تَزَالُ هَكَذَا أَوْ تُفَارِقُ دِينَ مُحَمَّدٍ، فَيَقُولُ بِلالٌ: أَحَدٌ أَحَدٌ، قَالَ: فَلَمَّا رَآهُ قَالَ رأس الكفر أمية بن خلف: لا نجوت إِنْ نَجَا، قَالَ: ثُمَّ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا أَنْصَارَ اللَّهِ، رَأْسُ الْكُفْرِ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ: لا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، قَالَ: قُلْتُ: اسْمَعْ يَا ابْنَ السَّوْدَاءِ، قَالَ: لا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، قَالَ: ثُمَّ صَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا أَنْصَارَ اللَّهِ، رَأْسُ الْكُفْرِ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، لا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا، قَالَ: فَأَحَاطُوا بنا حتى جعلنا فِي مِثْلِ الْمَسَكَةِ [٢] قَالَ:

فَأَخْلَفَ رَجُلٌ السَّيْفَ، فَضَرَبَ رِجْلَ ابْنِهِ فَوَقَعَ، وَصَاحَ أُمَيَّةُ بْنُ خلف صيحة ما سمعت مثلها قط، قال: فقلت: انج بنفسك ولا نجاء به، فَوَاللَّهِ مَا أَغْنَى عَنْكَ شَيْئًا، قَالَ:

فَهَبَرُوهُمَا [٣] بِأَسْيَافِهِمْ حَتَّى فَرَغُوا مِنْهُمَا، قَالَ: فَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: يَرْحَمُ اللَّهُ بِلالا ذَهَبَتْ أَدْرَاعِي وفجعني بأسيري.

قال ابن إسحق: وَحَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:

حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَابْنُ عَمِّ لِي حَتَّى أُصْعِدْنَا فِي جَبَلٍ يُشْرِفُ بِنَا عَلَى بَدْرٍ وَنَحْنُ مُشْرِكَانِ نَنْتَظِرُ الْوَقْعَةَ عَلَى مَنْ تَكُونُ الدَّبَرَةُ [٤] فَنَنْتَهِبُ مَعَ مَنْ يَنْتَهِبُ، قَالَ: فَبَيْنَا نَحْنُ فِي الْجَبَلِ، إِذْ دَنَتْ مِنَّا سَحَابَةٌ، فَسَمِعْنَا فِيهَا حَمْحَمَةَ الْخَيْلِ، فَسَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ [٥] ، فَأَمَّا ابْنُ عَمِّي فَانْكَشَفَ قِنَاعُ قَلْبِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ، وَأَمَّا أنا فكدت أهلك ثم تماسكت.


[ (١) ] الرمضاء: الرمل الحار من قوة أشعة الشمس عليه.
[ (٢) ] أي مثل السوار، أي أحاطوا بهم من كل ناحية.
[ (٣) ] أي قطعوهما.
[ (٤) ] أي الهزيمة.
[ (٥) ] اسم فرس جبريل عليه السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>