للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَائِذٍ عَنِ الْوَلِيدِ بن مسلم عن عبد الله بن لهيعة عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: ثُمَّ انْبَعَثَ عَدُوُّ اللَّهِ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَيَمْتَدِحُ عَدُوَّهُمْ وَيُحَرِّضُهُمْ عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ حَتَّى رَكِبَ إِلَى قُرَيْشٍ فَاسْتَغْوَاهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَالْمُشْرِكُونَ: أَدِينُنَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ دِينُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، وَأَيُّ دِينَيْنَا أَهْدَى فِي رَأْيِكَ وَأَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ؟ فَقَالَ: أَنْتُمْ أَهْدَى مِنْهُمْ سَبِيلا وَأَفْضَلُ، وَفِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَنَا مِنَ ابْنِ الأَشْرَفِ، فَقَدِ اسْتَعْلَنَ بِعَدَاوَتِنَا وَهِجَائِنَا، وَقَدْ خَرَجَ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَجْمَعَهُمْ عَلَى قِتَالِنَا، وَقَدْ أَخْبَرَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ ثُمَّ قَدِمَ أَخْبَثَ مَا كَانَ يَنْتَظِرُ قُرَيْشًا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ فَيُقَاتِلُنَا» ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِيهِ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ [١] الآيَةَ، وَخَمْسَ آيَاتٍ فِيهِ وَفِي قُرَيْشٍ.

رَجْعٌ إلى خبر ابن إسحق: فَقَالَ [٢] ، كَمَا حَدَّثَنِي عَبْد اللَّهِ بْنُ الْمُغيثِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ: «مَنْ لِي مِنَ ابْنِ الأَشْرَفِ» [٣] فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد بْنُ مَسْلَمَةَ، أَخُو بني عبد الأَشْهَلِ:

أَنَا لَكَ بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَقْتُلُهُ، قَالَ: «فَافْعَلْ إِنْ قَدَرْتَ عَلَى ذَلِكَ» . فَرَجَعَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَمَكَثَ ثَلاثًا لا يَأْكُلُ وَلا يَشْرَبُ إِلَّا مَا تَعْلَقُ به نفسه، فذكر ذلك


[ () ]
طحنت رحى بدر لمهلك أهله ... ولمثل بدر تستهل وتدمع
قتلت سراة الناس حول حياضهم ... لا تبعدوا إن الملوك تصرع
كم قد أصيب به من أبيض ماجد ... ذي بهجة يأوي إليه الضيع
طلق اليدين إذا الكواكب أخلفت ... حمال أثقال يسود ويرتع
ويقول أقوام أسر بسخطهم ... إن ابن الأشرف ظل كعبا يجزع
صدقوا فليت الأرض ساعة قتلوا ... ظلت تسوخ بأهلها وتصدع
صار الذي أثر الحديث بطعنة ... أو عاش أعمر مرعشا لا يسمع
نبئت أن بني المغيرة كلهم ... خشعوا لقتل أبي الحكيم وجدعوا
وأبناء ربيعة عنده ومنبه ... ما نال مثل المهلكين وتبع
نبئت أن الحارث بن هشامهم ... في الناس بين الصالحات ويجمع
ليزور يثرب بالجموع وابن ... يحمي على الحسب الكريم الأروع
(انظر سيرة ابن هشام ٢/ ٥٦ و ٥٧) .
[ (١) ] سورة آل عمران: الآية ٢٣.
[ (٢) ] وعند ابن هشام: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[ (٣) ]
وعند ابن هشام: «من لي بابن الأشرف» .

<<  <  ج: ص:  >  >>