للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ لِطَلْحَةَ بْنِ عَبْد اللَّهِ يَوْمَئِذٍ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ فِي الذَّبِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ الزُّبَيْرُ وَغَيْرُهُ: وَأَبْلَى طَلْحَةُ بَلاءً حَسَنًا يَوْمَ أُحُدٍ، وَوَقَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ، وَاتَّقَى عَنْهُ النَّبْلَ بِيَدِهِ، حَتَّى شُلَّتْ أُصْبَعُهُ وَضُرِبَ الضَّرْبَةَ فِي رَأْسِهِ، وَحَمَلَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ظَهْرِهِ، حَتَّى اسْتَقَلَّ عَلَى الصَّخْرَةِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم: «أوجب طلحة لي» .

وَقَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيِّ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ، أَخْبَرَتْكُمْ أُمُّ الْفَضْلِ زَيْنَبُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُقَيْلٍ الْقَيْسِيَّةُ قِرَاءَةً عَلَيْهِا وَأَنْتَ تَسْمَعُ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّمِائَةٍ قَالَتْ: أَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ اللَّهِ بن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ الْمِصِّيصِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَسْمَعُ قَالَ: أَنَا الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الْخَطِيبُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ قَالَ: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله الشافعي، فثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ الأَزْدِيُّ، فَثَنَا معاوية بن عمرو عن أبي إسحق- يعني الفزاري- عن حيمد عَنْ أَنَسٍ قَالَ: غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلّم المشركين، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ أَشْهَدَنِي اللَّهُ قِتَالا لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انكشف المسلمون فقال: اللهم إني أعتذر إليك مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ- لأَصْحَابِهِ- وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلاءِ الْمُشْرِكُونَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ فَلَقِيَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَقَالَ: أَيْنَ يَا سَعْدُ: وَاها لِرِيحِ الْجَنَّةِ، وَاللَّهِ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَهَا دُونَ أُحُدٍ، قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ أَصْنَعُ مَا صَنَعَ مَضَى حَتَّى اسْتُشْهِدَ قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: مَا عَرَفْتُهُ إِلَّا بِبَنَانِهِ لأَنَّهُ مُثِّلَ بِهِ، وَجَدْنَا فِيهِ بِضْعَةً وَثَمَانِينَ أَثَرًا مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ وَطَعْنَةٍ بِالرُّمْحِ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ فَكُنَّا، نَتَحَدَّثُ أَنَّ فِيهِ وَفِي أَصْحَابِهِ نَزَلَتْ: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [١] .

وروينا عن ابن إسحق عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ يَوْمَئِذٍ، سَبْعِينَ ضَرْبَةً فَمَا عَرَفَتْهُ إِلَّا أُخْتُهُ عرفته ببنانه.

أخبرتنا السيدة الأصيلة مونسة خَاتُونَ، بِنْتِ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ سَيْفِ الدِّينِ


[ () ]
لقتل بني أسد ربهم ... ألا كل شيء سواه جلل
قال ابن هشام: وأما قول الشاعر وهو الحارث بن وعلة الحرمي.
ولئن عفوت لأعفون جللا ... ولئن سطوت لأوهنن عظمي
فهو من الكثير.
[ (١) ] سورة الأحزاب: الآية ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>