للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَسْتَسْقِي وَتُؤَمِّنُونَ، فَإِنَّكُمْ سَتُسْقَوْنَ، فَأَصْبَحَتْ فَقَصَّتْ رُؤْيَاهَا عَلَيْهِمْ، فَنَظَرُوا فَوَجَدُوا هَذِهِ الصِّفَةَ صِفَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، وَخَرَجَ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ مِنْهُمْ رَجُلٌ، فَفَعَلُوا مَا أَمَرَتْهُمْ بِهِ، ثُمَّ عَلَوْا عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَمَعَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ غُلامٌ، فَتَقَدَّمَ عَبْدُ المطلب وقال: لا هم [١] هَؤُلاءِ عَبِيدُكَ وَبَنُو عَبِيدِكَ، وَإِمَاؤُكَ وَبَنَاتُ إِمَائِكَ، وَقَدْ نَزَلَ بِنَا مَا تَرَى، وَتَتَابَعَتْ عَلَيْنَا هَذِهِ السِّنُونَ، فَذَهَبَتْ بِالظِّلْفِ وَالْخُفِّ، وَأَشْفَتْ عَلَى الأَنْفُسِ، فَأَذْهِبْ عَنَّا الْجَدْبَ، وَائْتِنَا بِالْحَيَا وَالخِصْبِ، فَمَا بَرِحُوا حَتَّى سَالَتِ الأَوْدِيَةُ، وَبِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُقُوا، فَقَالَتْ رَقِيقَةَ بِنْتُ أَبِي صَيْفِيِّ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ:

بِشَيْبَةَ الْحَمْدِ أَسْقَى اللَّهُ بَلْدَتَنَا ... وَقَدْ فَقَدْنَا الْحَيَا وَاجْلَوَّذَ [٢] الْمَطَرُ

فَجَادَ بِالْمَاءِ جَوْنِيٌّ لَهُ سُبُلٌ ... دَانٍ فَعَاشَتْ بِهِ الأَنْعَامُ وَالشَّجَرُ

مَنًّا مِنَ اللَّهِ بِالْمَيْمُونِ طَائِرُهُ ... وَخَيْرِ مَنْ بُشِّرَتْ يَوْمًا بِهِ مُضَرُ

مُبَارَكُ الأَمْرِ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِهِ ... مَا فِي الأَنَامِ لَهُ عَدْلٌ ولا خطر


[ () ] الجبلان أحدهما أبو قبيس وهو الجبل المشرف على الصفا إلى السويد إلى الحندمة، وكان يسمى في الجاهلية: الأمين، لأن الحجر الأسود كان مستودعا فيه عام الطوفان، قال الأزرقي: وبلغني عن بعض أهل العلم عن أهل مكة أنه قال: إنما سمي أبو قبيس لأن رجلا كان يقال له أبو قبيس بنى فيه، فلما صعد فيه بالبناء سمي الجبل: أبا قبيس، ويقال: كان الرجل من إياد، قال: ويقال: اقتبس منه الحجر الأسود فسمي أبا قبيس، والقول الأول أشهرهما عند أهل مكة، قال مجاهد: أول جبل وضعه الله تعالى على الأرض حين مادت أبو قبيس، وأما الأخشب الآخر فهو الجبل الذي يقال له: الأحمر، وكان يسمى في الجاهلية: الأعرف، وهو الجبل المشرف على قعيقعان وعلى دور عبد الله بن الزبير. (انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي ٣/ ١٠٨) .
[ (١) ] أي: اللهم.
[ (٢) ] أي ذهب وامتد وقت تأخره وانقطاعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>