فَقَتَلَ أَوْبَارًا وَابْنَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَائِذٍ عَنِ الوليد بن مسلم عن عبد الله بن لهيعة عن أبي الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عُقْبَةَ. وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهَا فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَأَنَّ اللقاحَ عِشْرُونَ، فَأَغَارَ عَلَيْهَا عُيَيْنَة فِي لَيْلَةِ الأَرْبَعَاءَ فِي أَرْبَعِينَ فَارِسًا فَاسْتَاقُوهَا، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ فِيهَا، وَقَتَلُوا ابْن أَبِي ذَرٍّ، وَجَاءَ الصّريخُ فَنَادَى:
الْفَزَعَ الْفَزَعَ، فَنُودِيَ: يَا خَيْلَ اللَّهِ ارْكَبِي، وَكَانَ أَوَّلَ مَا نُودِيَ بها.
قلت: قدم تَقَدَّمَ عَنْ قَتَادَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَائِذٍ النِّدَاء بِيَا خَيْلَ اللَّه ارْكَبِي فِي وَقْعَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَهِيَ قَبْلَ هَذِهِ عِنْدَهُمْ، وَرَكِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج غَدَاةَ الأَرْبَعَاءِ فِي الْحَدِيدِ مُقَنَّعًا فَوَقَف،
وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَقْبَلَ إِلَيْهِ الْمِقْدَاد بْن عَمْرو، وَعَلَيْهِ الدِّرْعُ وَالْمِغْفَرُ شَاهِرًا سَيَفْهُ، فَعَقَدَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَاءً فِي رُمْحِهِ، وَقَالَ: امْضِ حَتَّى تَلْحَقَكَ الْخَيْلُ»
وخلف سعد بن عبادة في ثلاثمائة مِنْ قَوْمِهِ يَحْرُسُونَ الْمَدِينَةَ، قَالَ: وَذَهَبَ الصَّرِيخُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَجَاءَتِ الأَمْدَادُ، فَلَمْ تَزَلِ الْخَيْلُ تَأْتِي وَالرِّجَالُ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَعَلَى الإِبِلِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي قَرَدٍ، فَاسْتَنْقَذُوا عَشْرَ لقاحٍ، وَأَفْلَتَ الْقَوْمُ بِمَا بَقِيَ، وَهِيَ عَشَرَةٌ، وَصَلَّى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي قَرَدٍ صَلاةَ الْخَوْفِ وَأَقَامَ بِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً يَتَحَسَّبُ الْخَبَرَ، وَقَسَّمَ فِي كُلِّ مائة من أصحابه جزورا ينحرونها، وكانوا خمسمائة، ويقال: سبعمائة، وَبَعَثَ إِلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بِأَحْمَالِ تَمْرٍ، بعشر جَزَائِرَ، فَوَافَتْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي قُرَدَ.
قَالَ ابْن سَعْدٍ: وَالثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّ سَعْد بْن زَيْدٍ أَمِيرُ هَذِهِ السَّرِيَّةِ وَلَكِنَّ النَّاسَ نَسَبُوهَا لِلْمِقْدَادِ لِقَوْلِ حَسَّانَ. غداة فوارس المقداد. قلت: وأوله:
ولسر أَوْلادَ اللَّقِيطَةِ أَنَّنَا ... سِلْمٌ غَدَاةَ فَوَارِسِ الْمِقْدَادِ
قَالَ: فَعَاتَبَهُ سَعْدٌ، فَقَالَ: اضْطَرَّنِي الرَّوِيّ إِلَى الْمِقْدَادِ، وَرَجَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَكَانَ قَدْ غَابَ خَمْسَ لَيَالٍ [١] .
وَفِي رِوَايَةٍ لابْنِ سَعْدٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ: عَنْ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَرَبَاحٌ غُلامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجْتُ بِفَرَسٍ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، كُنْتُ أريد أن أنديه مَعَ الإِبِلِ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ بِغَلَسٍ، أَغَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَلَى إِبِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَل رَاعِيَهَا وخرج
[ (١) ] انظر طبقات ابن سعد (٢/ ٨٣) .