قَالُوا: أَقْبَلَ دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ مِنْ عِنْدِ قَيْصَرَ، وَقَدْ أَجَازَهُ وَكَسَاهُ، فَلَقِيَهُ الْهنيدُ بْنُ عَارِضٍ، وَابْنُهُ عَارِضُ بْنُ الْهنيدِ- وَعِنْدَ ابن إسحق: عَوَض فِيهِمَا، بَدَل:
عَارِضٍ- فِي نَاسٍ مِنْ جُذَامٍ بِحِسْمي، فَقَطَعُوا عَلَيْهِ الطَّرِيقَ، فَلَمْ يَتْرُكُوا عَلَيْهِ إِلَّا سَمَلَ ثَوْبٍ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ نَفَرٌ مِنْ بَنِي الضَّبِيبِ، فَنَفَرُوا إِلَيْهِمْ، فَاسْتَنْقَذُوا لِدِحْيَةَ مَتَاعَهُ، وَقَدِمَ دِحْيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَبَعَثَ زَيْدُ بْنُ حارثة في خمسمائة رَجُلٍ وَرَدَّ مَعَهُ دِحْيَةَ، وَكَانَ زَيْدٌ يَسِيرُ بِاللَّيْلِ وَيَكْمُنُ بِالنَّهَارِ، وَمَعَهُ دَلِيلٌ لَهُ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِمْ حَتَّى هَجَمَ بِهِمْ مَعَ الصُّبْحِ عَلَى الْقَوْمِ، فَأَغَارُوا عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوا فِيهِمْ، فَأَوْجَعُوا وَقَتَلُوا الْهنيدَ وَابْنَهُ، وَأَغَارُوا عَلَى مَاشِيَتِهِمْ وَنَعَمِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، فَأَخَذُوا مِنَ النَّعَمِ أَلْفَ بَعِيرٍ، وَمِنَ الشَّاءِ خَمْسَة آلافِ شَاةٍ، وَمِنَ السَّبْيِ مِائَةً مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ،
فَرَحَلَ زَيْدُ بن رافعة الْجُذَامِيُّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَفَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابِهِ الَّذِي كَانَ كتب لَهُ وَلِقَوْمِهِ لَيَالِي قَدِمَ عَلَيْهِ، فَأَسْلَمَ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا تُحَرِّمْ عَلَيْنَا حَلالا، وَلا تَحِلُّ لَنَا حَرَامًا.
قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِالْقَتْلَى؟ قَالَ أَبُو يَزِيدَ بْنُ عَمْرٍو: أَطْلِقْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ كَانَ حَيًّا، وَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ تَحْتَ قَدَمِي هَاتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم: صدق أبو زيد، فَبَعَثَ مَعَهُمْ عَلِيًّا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ،
يَأْمُرُهُ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ حرمِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فتوجه علي ولقي رفاع بن مكيث الجنهي بَشِيرَ بْنَ حَارِثَةَ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ إِبِلِ الْقَوْمِ، فَرَدَّهَا عَلِيٌّ عَلَى الْقَوْمِ، وَلَقِيَ زَيْدًا بِالْفحْلَتَيْنِ وَهِيَ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَذِي الْمَرْوَةِ، فَأَبْلَغَهُ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَرَدَّ إِلَى النَّاسِ كُلَّ مَا كَانَ أَخَذَ لَهُمْ.
وَذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ سَعْدٍ أَمْرَ هَذِهِ السرية أطول من هذا.
وحسمي على مثال فِعْلِي، مَكْسُورٌ الأَوَّلِ، قَيَّدَهُ أَبُو عَلِيٍّ مَوْضِعٌ مِنْ أَرْضِ جُذَامٍ، وَذَكَرُوا أَنَّ الْمَاءَ فِي الطُّوفَانِ، أَقَامَ بِهِ بَعْدَ نُضُوبِهِ ثَمَانِينَ سَنَةً. وعند ابن إسحق: أَبُو زَيْدِ بْنُ عَمْرٍو، وَعِنْدَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْجُذَامِيُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَعَوض قَيَّدَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَوصٌ. وَقَالَ النَّمِرِيُّ: لَيْسَ عَوَضٌ إِلَّا فِي حِمْيَرَ، أَوْ عوضُ بْنُ أرم بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَفِي غَيْرِهِمَا عوصٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute