للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ عُقْبَةَ: وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ رَاجِعًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا هَذَا بِفَتْحٍ، لَقَدْ صَدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ، وَصُدَّ هَدْيُنَا، وَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كانا خرجا إليه، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَوْلَ أُولَئِكَ، فَقَالَ: «بِئْسَ الْكَلامُ، بَلْ هُوَ أَعْظَمُ الْفَتْحِ، قَدْ رَضِيَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَدْفَعُوكُمْ بِالرَّاحِ عَنْ بِلادِهِمْ، وَيَسْأَلُوكُمُ الْْقَضِيَّةَ، وَيَرْغَبُونَ إِلَيْكُمْ فِي الأَمَانِ، وَقَدْ رَأَوْا مِنْكُمْ مَا كَرِهُوا، وَأَظْفَرَكُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَرَدَّكُمُ اللَّهُ سَالِمِينَ مَأْجُورِينَ، فَهُوَ أَعْظَمُ الْفُتُوحِ» ، وَفِيهِ: أَنَسِيتُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، إِذْ تَصْعَدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ، أَنَسِيتُمْ يَوْمَ الأَحْزَابِ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وإذا زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ، وَتَظَنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا؟» فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَهُوَ أَعْظَمُ الْفُتُوحِ، وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا فَكَّرْنَا فِيمَا فَكَّرْتَ فِيهِ، وَلَأَنْتَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ وأمره منا. وذكر ابن عائذ: أن رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ فِي غَزْوَتِهِ هَذِهِ شَهْرًا وَنِصْفًا. وَقَالَ ابْن سَعْدٍ: أَقَامَ بِالْحُدَيْبِيَةِ بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَيُقَالُ: عِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا كَانُوا بِضْجَنَانَ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً فَقَالَ جِبْرِيلُ: نُهَنِّئُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهَنَّأَهُ الْمُسْلِمُونَ.

وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْد اللَّهِ بن أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا صَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، حَلَّقُوا بِالْحُدَيْبِيَةِ وَنَحَرُوا، بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا عَاصِفًا، فَاحْتَمَلَتْ أَشْعَارَهُمْ، فَأَلْقَتْهَا فِي الْحَرَمِ.

وَعَنْ طَارِقِ بْن عَبْد الرَّحْمَن قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّبِ، فَتَذَاكَرُوا الشَّجَرَةَ، فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ الْعَامَ مَعَهُمْ، وَأَنَّهُ قَدْ شَهِدَهَا، فَنَسُوهَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ. وَرُوِّينَا عَنِ ابن سعد قال: أنا عبد الوهاب بن عَطَاءٍ قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْفٍ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَأْتُونَ الشَّجَرَةَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: شَجَرَةُ الرِّضْوَانِ، فَيُصَلُّونَ عِنْدَهَا، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَأَوْعَدَهُمْ فِيهَا، وَأَمَرَ بِهَا فَقُطِعَتْ. وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَتْ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ.

وَرُوِّينَا عن ابن سعد قال: أنا عبد الوهاب بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ قَالَ: أَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَصَابَنَا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مَطَرٌ لَمْ يَبُلَّ أَسَافِلَ نِعَالِنَا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم أن صلوا في رحالكم [١] .


[ (١) ] أنظر الطبقات الكبرى وابن سعد (٢/ ١٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>