للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزَعَمُوا أَنْ لَسْتُ أَدْعُو أَحَدَا ... وَهُمْ أَذَلُّ وَأَقَلُّ عَدَدَا

هُمْ بَيَّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجَّدَا ... وَقَتَّلُونَا رُكَّعًا وَسُجَّدَا

يَقُولُ قُتِلْنَا وَقَدْ أَسْلَمْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُصِرْتَ يَا عَمْرُو بْنَ سَالِمٍ» ثُمَّ عَرَضَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [١] عَنَانٌ مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ السَّحَابَةَ لَتَسْتَهِلُّ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ» .

ثُمَّ خَرَجَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي خُزَاعَةَ: حَتَّى قَدِمُوا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ بِمَا أُصِيبَ مِنْهُمْ، وَبِمُظَاهَرَةِ قُرَيْشٍ بَنِي بَكْرٍ عَلَيْهِمْ. قُلْتُ: لَعَلَّ الأَرْبَعِينَ رَاكِبًا الَّذِينَ ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ قَوْمَهُمْ مِنْ خُزَاعَةَ مَعَ عمرو بن سالم هم هؤلاء.

رجع إلى خبر ابن إسحق: ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى مَكَّةَ [٢] وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ: «كَأَنَّكُمْ بِأَبِي سُفْيَانَ قَدْ جَاءَكُمْ لِيَشُدَّ الْعَقْدَ وَيَزِيدَ فِي الْمُدَّةِ» .

وَمَضَى بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ فِي أَصْحَابِهِ حَتَّى لَقُوا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ بِعُسْفَانَ [٣] ، وَقَدْ بَعَثَتْهُ قُرَيْشٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَشُدَّ الْعَقْدَ وَيَزِيدَ فِي الْمُدَّةِ، وَقَدْ رَهِبُوا الَّذِي صَنَعُوا فَلَمَّا لَقِيَ أَبُو سُفْيَانَ بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ قَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ يَا بُدَيْلُ؟ وَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:

سِرْتُ فِي خُزَاعَةَ فِي هَذَا السَّاحِلِ: وفي بعض هذا الوادي [٤] قال: أو ما جِئْتَ مُحَمَّدًا قَالَ: لا، فَلَمَّا رَاحَ بُدَيْلٌ إِلَى مَكَّةَ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَئِنْ كَانَ جَاءَ الْمَدِينَةَ لَقَدْ عَلَفَ بِهَا النَّوَى [٥] ، فَأَتَى مَبْرَكَ رَاحِلَتِهِ، فَأَخَذَ مِنْ بَعْرِهَا فَفَتَّهُ، فَرَأَى فِيهِ النَّوَى، فَقَالَ: أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ جَاءَ بُدَيْلٌ مُحَمَّدًا، ثُمَّ خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قدم المدينة [٦] ، فدخل على ابنته


[ (١) ] وعند ابن هشام: حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلّم المدينة.
[ (٢) ] وعند ابن هشام: ثم انصرفوا- راجعين إلى مكة.
[ (٣) ] قال الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات (٣/ ٥٦) عسفان: بعين مضمومة ثم سين ساكنة مهملتين، قرية جامعة بها منبر، وهي بين مكة والمدينة على نحو مرحلتين من مكة، وقد نقل صاحب المهذب في أول باب صلاة المسافر عن الإمام مالك رحمه الله تعالى أنه قال: بين مكة وعسفان أربعة برد، وهذا الذي نقله عن مالك رحمه الله تعالى صحيح عنه، ذكره في الموطأ، وأربعة لبرد ثمانية وأربعون ميلا، وذلك مرحلتان، وهذا الذي ذكرناه هو الصواب، وأما قول صاحب المطالع أن بينهما ستة وثلاثين ميلا فليس بمنقول.
[ (٤) ] وعند ابن هشام: قال: تسيرت في خزاعة في هذا الساحل، وفي بطن الوادي.
[ (٥) ] وعند ابن هشام: لئن جاء المدينة لقد علف بها النوى.
[ (٦) ] وعند ابن هشام: ثم خرج أبو سفيان حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم في المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>