للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْحُرْمَةُ، الْيَوْمَ أَذَلَّ اللَّهُ قُرَيْشًا. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَتِيبَةِ الأَنْصَارِ، حَتَّى إِذَا حَاذَى أَبَا سُفْيَانَ نَادَاهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُمِرْتَ بِقَتْلِ قَوْمِكَ، فَإِنَّهُ زَعَمَ سَعْدٌ وَمَنْ مَعَهُ حِينَ مَرَّ بِنَا أَنَّهُ قَاتِلُنَا، أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي قَوْمِكَ، فَأَنْتَ أَبَرُّ النَّاسِ وَأَرْحَمُهُمْ وَأَوْصَلُهُمْ. وَقَالَ عُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لا نَأْمَنُ سَعْدًا أَنْ تَكُونَ مِنْهُ فِي قُرَيْشٍ صَوْلَةٌ،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا سُفْيَانَ، الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ، الْيَوْمَ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهِ قُرَيْشًا» .

وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ الْفِهْرِيُّ يَوْمَئِذٍ:

يَا نَبِيَّ الْهُدَى إِلَيْكَ لجا حي ... ي قُرَيْشٍ وَلاتَ حِينَ لَجَاءِ

حِينَ ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ سعة الأر ... ض وَعَادَاهُمُ إِلَهُ السَّمَاءِ

وَالْتَقَتْ حَلْقَتَا الْبِطَانُ عَلَى القو ... م وَنُودُوا بِالصَّيْلَمِ الصَّلْعَاءِ

أَنَّ سَعْدًا يُرِيدُ قَاصِمَةَ الظه ... ر بِأَهْلِ الْحُجُونِ وَالْبَطْحَاءِ

خَزْرَجِيٌّ لَوْ يَسْتَطِيعُ مِنَ الغي ... ظ رمانا بالنسر والعواء

وغر الصدر لأيهم بِشَيْءٍ ... غَيْر سَفْكِ الدَّمَا وَسَبْيِ النِّسَاءِ

قَدْ تَلَظَّى عَلَى الْبطَاحِ وَجَاءَتْ ... عَنْهُ هِنْدٌ بِالسَّوْءَةِ السَّوَّاءِ

إِذْ يُنَادِي بِذُلِّ حَيِّ قُرَيْشٍ ... وَابْنُ حرب بذا مِنَ الشُّهَدَاءِ

فَلَئِنْ أَقْحَمَ اللِّوَاءَ وَنَادَى ... يَا حُمَاةَ اللِّوَاءِ أَهْلَ اللِّوَاءِ

ثُمَّ ثَابَتْ إِلَيْهِ من بهم الخز ... رج وَالأَوْسِ أَنْجُمُ الْهَيْجَاءِ

لَتَكُونَنَّ بِالْبِطَاحِ قُرَيْشٌ ... فَقعَةَ الْقَاعِ فِي أَكُفِّ الإِمَاءِ

فَانْهَيَنْهُ فَإِنَّهُ أَسَدُ الأس ... د لَدَى الْغَابِ وَالِغٌ فِي الدِّمَاءِ

أَنَّهُ مُطْرِقٌ يدير لنا الأم ... ر سُكُوتًا كَالْحَيَّةِ الصَّمَّاءِ

فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَنَزَعَ اللِّوَاءَ مِنْ يَدِهِ، وَجَعَلَهُ بِيَدِ قَيْسٍ ابْنِهِ، وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم أن اللواء لم يخرج عنه إذا صَارَ إِلَى ابْنِهِ قَيْسٍ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى الرَّايَةَ لِلزُّبَيْرِ إِذْ نَزَعَهَا مِنْ سعد.

رجع إلى الخبر عن ابن إسحق: وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَدَخَلَ مِنَ اللِّيطِ أَسْفَلَ مَكَّةَ فِي بَعْضِ النَّاسِ، فَكَانَ خَالِدٌ عَلَى الْمُجَنَّبَةِ الْيُمْنَي، وَفِيهَا أَسْلَمَ وَسُلَيْمٌ وَغِفَارٌ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ وَقَبَائِلُ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَأَقْبَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ بِالصَّفِّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ينصبُ لِمَكَّةَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَرُوِّينَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ عَلَى الْبَيَاذِقَةِ يَعْنِي الرَّجَّالَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>