للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْكَ» قَالَ: لَيْسَ بِهَذَا بَأْسٌ، فَأَعْطَاهُ مِائَةَ دِرْعٍ بِمَا يَكْفِيهَا مِنَ السِّلاحِ،

فَزَعَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ أَنْ يَكْفِيَهُمْ حَمْلَهَا فَفَعَلَ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ أَلْفَانِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مَعَ عَشَرَةِ آلافٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَهُ، فَفَتَحَ اللَّهُ بِهِمْ مَكَّةَ فَكَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَاسْتَعْمَلَ عَتَّابَ بْنَ أَسِيدٍ عَلَى مَكَّةَ أَمِيرًا [١] ، ثُمَّ مَضَى يريد لقاء هوازن [٢] .

قال ابن إسحق: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة، عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِيهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا اسْتَقْبَلْنَا وَادِيَ حُنَيْنٍ انْحَدَرْنَا فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ أجوف حطوط، إنما تنحدر فِيهِ انْحِدَارًا، قَالَ: وَفِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ، وَكَانَ الْقَوْمُ قَدْ سَبَقُونَا إِلَى الْوَادِي، فَكَمَنُوا لَنَا فِي شِعَابِهِ وَأَجْنَابِهِ وَمَضَايِقِهِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا وَتَهَيَّئُوا وَأَعَدُّوا، فَوَاللَّهِ مَا رَاعَنَا وَنَحْنُ مُنْحَطُّونَ إِلَّا الْكَتَائِبُ قَدْ شَدُّوا عَلَيْنَا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَانْشَمَرَ النَّاسُ رَاجِعِينَ لا يُلَوِّي أَحَدٌ عَلَى أحد،

وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ الْيَمِينِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَلُمَّ إِلَيَّ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ»

قَالَ: «فَلا شَيْءَ، حَمَلَتِ الإِبِلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَانْطَلَقَ النَّاسُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَفِيمَن لَبِثَ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ [٣] ، وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَالْعبَّاسُ، وأبو سفيان بن الحرث، وابنه، والفضل بن العباس، وربيعة بن الحرث، وأسامة بن زيد، وأيمن ابن أُمِّ أَيْمَنَ، وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: وَرَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ، بِيَدِهِ رَايَةٌ سَوْدَاءُ فِي رَأْسِ رُمْحٍ طَوِيلٍ أَمَامَ هَوَازِنَ، وَهَوَازِنُ خَلْفَهُ، إِذَا أُدْرِكَ طُعِنَ بِرُمْحِهِ، وَإِذَا فاته الناس رفع رمحه لمن وراء فَاتَّبَعُوهُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَهْوَى إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُرِيدَانِهِ، قَالَ: فَيَأْتِي عَلِيٌّ مِنْ خَلْفِهِ فَيَضْرِبُ عُرْقُوبَيِ الْجَمَلِ، فَوَقَعَ عَلَى عَجُزِهِ، وَوَثَبَ الأَنْصَارِيُّ عَلَى الرَّجُلِ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً أَطَنَّ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ، فَانْجَعَفَ عَنْ رَحْلِهِ [٤] قَالَ: وَاجْتَلَدَ النَّاسُ، فَوَاللَّهِ مَا رَجَعَتْ رَاجِعَةُ النَّاسِ مِنْ هَزِيمَتِهِمْ حَتَّى وَجَدُوا الأُسَارَى مُكَتَّفِينَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم.


[ (١) ] وعند ابن هشام: أميرا على من تخلف عنه من الناس.
[ (٢) ] وعند ابن هشام: ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلّم على وجهه يريد لقاء هوازن.
[ (٣) ] وعند ابن هشام: إِلَّا أَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم نفي من المهاجرين والأنصار وأهل بيته، وفيمن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر.
[ (٤) ] أي سقط قتيلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>