إِلَيْهِمْ، فَحَاصَرُوهُمْ فِيهَا قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ، وَامْتَنَعُوا فِيهَا مِنْهُ. ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ عَنْهُمْ قَافِلا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَلَدٍ يُقَالُ لَهُ: شكرُ، ظَنَّ أَهْلُ جَرَشَ أَنَّهُ إِنَّمَا وَلَّى عَنْهُمْ مُنْهَزِمًا، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ، حَتَّى إِذَا أَدْرَكُوهُ عَطَفَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ قَتْلا شَدِيدًا،
وَقَدْ كَانَ أَهْلُ جَرَشَ بَعَثُوا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ يَرْتَادَانِ وَيَنْظُرَانِ، فَبَيْنَمَا هُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشِيَّةً بَعْدَ الْعَصْرِ إِذْ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بِأَيِّ بِلادِ اللَّهِ شكرُ» فَقَامَ الْجَرَشِيَّانِ:
فَقَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِبِلادِنَا جَبَلٌ يُقَالُ لَهُ: كشرُ، وَكَذَلِكَ تُسَمِّيهِ أَهْلُ جَرَشَ، فَقَالَ:
«أَنَّهُ ليس بكسر، وَلَكِنَّهُ شكرُ. قَالا: فَمَا شَأْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ بُدْنَ اللَّهِ لَتُنْحَرُ عِنْدَهُ الآنَ» قَالَ: فَجَلَسَ الرَّجُلانِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَوْ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُمَا: وَيْحُكُمَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَنْعِي الآنَ لَكُمَا قَوْمَكُمَا، فَقُومَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْأَلاهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يَرْفَعَ عَنْ قَوْمِكُمَا، فَقَامَا إِلَيْهِ فَسَأَلاهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنْهُمْ فَخَرَجَا من عند رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ رَاجِعِينَ إِلَى قَوْمِهِمَا،
فَوَجَدَا قَوْمَهُمَا قَدْ أُصِيبُوا يَوْمَ أَصَابَهُمْ صُرَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قَالَ، وَفِي السَّاعَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا مَا ذَكَرَ فَخَرَجَ وَفْدُ جَرَشَ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمُوا وَحَمَى لَهُمْ حمى حول قريتهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute