النعمان بعد أن سالت على خذه فَكَانَتْ أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِالتَّأْوِيلِ وَالْفِقْهِ فِي الدِّينِ، وَدَعَا لِجَمَلِ جَابِرٍ فَصَارَ سَابِقًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَسْبُوقًا، وَدَعَا لأَنَسٍ بِطُولِ الْعُمُرِ، وَكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَدَعَا فِي تَمْرِ حَائِطِ جَابِرٍ بِالْبَرَكَةِ فَأَوْفَى غُرَمَاءَهُ، وَفَضَلَ ثَلاثَةَ عَشَرَ وَسْقًا، وَاسْتَسْقَى عَلَيْهِ السلام فمطروا أسبوعا، ثم استصحى لهم فانجابت السحابة، وَدَعَا عَلَى عُتَيْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ فَأَكَلَهُ الأَسَدُ بِالزَّرْقَاءِ مِنَ الشَّامِ،
وَشَهِدَتْ لَهُ الشَّجَرُ بِالرِّسَالَةِ فِي خَبَرِ الأَعْرَابِيِّ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى الإِسْلامِ فَقَالَ: هَلْ مِنْ شَاهِدٍ عَلَى مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ هَذِهِ السَّمُرَةُ» [١] ثُمَّ دَعَاهَا فَأَقْبَلَتْ، فَاسْتَشْهَدَهَا فَشَهِدَتْ أَنَّهُ كَمَا قَالَ ثَلاثًا ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى مَنْبَتِهَا، وَأَمَرَ شَجَرَتَيْنِ فَاجْتَمَعَتَا ثُمَّ افْتَرَقَتَا، وَأَمَرَ أَنَسًا أَنْ يَنْطَلِقَ إِلَى نَخْلاتٍ فَيَقُولُ لَهُنَّ: أَمَرَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَجْتَمِعْنَ، فَاجْتَمَعْنَ، فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ أَمَرَهُ أَنْ يَأْمُرَهُنَّ بِالْعَوْدِ إِلَى أَمَاكِنِهِنَّ فَعُدْنَ، وَنَامَ فَجَاءَتْ شَجَرَةٌ تَشُقُّ الأَرْضَ حَتَّى قَامَتْ عَلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَيَقْظَ ذُكِرَتْ لَهُ فَقَالَ: «هِيَ شَجَرَةٌ اسْتَأْذَنَتْ رَبَّهَا فِي أَنْ تُسَلِّمَ عَلَيَّ فَأَذِنَ لَهَا، وَسَلَّمَ عَلَيْهِ الْحَجَرُ وَالشَّجَرُ لَيَالِيَ بُعِثَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَالَ: إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا كَانَ بِمَكَّةَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَثَ، إِنِّي لأَعْرِفُهُ الآنَ، وَحَنَّ إِلَيْهِ الْجِذْعُ، وَسَبَّحَ الْحَصَى فِي كَفِّهِ، وَسَبَّحَ الطَّعَامُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَأَعْلَمَتْهُ الشَّاةُ بِسُمِّهَا، وَشَكَا إِلَيْهِ الْبَعِيرُ قِلَّةَ الْعَلَفِ. وَكَثْرَةِ العلم، وَسَأَلَتْهُ الظَّبْيَةُ أَنْ يُخَلِّصَهَا مِنَ الْحَبْلِ لِتُرْضِعَ وَلَدَيْهَا وَتَعُودَ، فَخَلَّصَهَا فَعَادَتْ، وَتَلَفَّظَتْ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَأَخْبَرَ عَنْ مَصَارِعِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَمْ يَعُدْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَصْرَعَهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ أُمَّتِهِ يَغْزُونَ فِي الْبَحْرِ، وَأَنَّ أُمَّ حَرَامٍ بِنْتَ مِلْحَانَ مِنْهُمْ فَكَانَ كَذَلِكَ، وَقَالَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: تُصِيبُهُ بَلْوَى شَدِيدَةٌ فَأَصَابَتْهُ وَقُتِلَ، وَقَالَ لِلأَنْصَارِ: «إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً» فَكَانَتْ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ فِي الْحَسَنِ: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللَّهُ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» فَصَالَحَ مُعَاوِيَةَ، وَحَقَنَ دِمَاءَ الْفِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخْبَرَ بِقَتْلِ الأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ الْكَذَّابِ، وَهُوَ بِصَنْعَاءَ لَيْلَةَ قَتْلِهِ وَبِمَنْ قَتَلَهُ، وَقَالَ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ: «تَعِيشُ حَمِيدًا وَتُقْتَلُ شَهِيدًا، فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، وَارْتَدَّ رَجُلٌ وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ فَبَلَغَهُ أَنَّهُ مَاتَ فَقَالَ: إِنَّ الأَرَضْ لا تَقْبَلُهُ، فَكَانَ كَذَلِكَ، وَقَالَ لِرَجُلٍ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ: «كُلْ بِيَمِينِكَ» فَقَالَ: لا أَسْتَطِيعُ، فَقَالَ لَهُ: «لا اسْتَطَعْتَ» فَلَمْ يُطِقْ أَنْ يَرْفَعَهَا إِلَى فِيهِ بَعْدُ. وَدَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَالأَصْنَامُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ مُعَلَّقَةٌ وَبِيَدِهِ قضيب
[ (١) ] وهو نوع من شجر الطلح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute