للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَدُوِّ اللَّهِ مَكَانًا وَاحِدًا أَبَدًا» .

قُلْتُ: كَذَا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ عَنِ الْمِسْوَرِ وأنا مُحْتَلِمٌ وَهُوَ وَهْمٌ، فَإِنَّ الْمِسْوَرَ مِمَّنْ وُلِدَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ بَعْدَ مَوْلِدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَلْم يُدْرِكْ مِنْ حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا نحو الثمانية أعوام، ولا يعد من كان هَذِهِ سِنُّهُ مُحْتَلِمًا. وَقَدْ رَوَى الإِسْمَاعِيلِيُّ فِي صَحِيحِهِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، فثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ يَعْقُوبَ فَذَكَرَهُ بِسَنَدِهِ وَفِيهِ عَنِ الْمِسْوَرِ: (وَأَنَا يَوْمَئِذٍ كَالْمُحْتَلِمِ) يَعْنِي فِي ثَبْتِهِ وَحِفْظِهِ مَا يَسْمَعُهُ، فَبَيَّنَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الصَّوَابَ، وَدَارَ الْحَمْلُ فِيهِ عَلَى مَنْ دونَ يَعْقُوبَ بَيْنَ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ، وَوَجَدْتُ الطَّبَرَانِيَّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ قَدْ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ كَرِوَايَةِ مُسْلِمٍ، فَبَرِئَ مُسْلِمٌ مِنْ عُهْدَتِهِ أَيْضًا، كَمَا بَرِئَ يَعْقُوبُ وَمَنْ فَوْقَهُ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ كَرِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحْمَدَ، فَهُوَ حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى يَعْقُوبَ، جَوَّدَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ. ثُمَّ وَلَدَتْ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَارِيَةُ بِنْتُ شَمْعُونَ الْقِبْطِيَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَقَّ عَنْهُ بِكَبْشٍ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ، حَلَقَهُ أَبُو هِنْدٍ، فَتَصَدَّقَ بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً عَلَى الْمَسَاكِينَ، وَأَمَرَ بِشَعْرِهِ فَدُفِنَ فِي الأَرْضِ، وَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ فِيمَا قَالَ الزُّبْيَرُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ سَمَّاهُ لَيْلَةَ مَوْلِدِهِ، وَكَانَتْ قَابِلَتَهَا سَلْمَى مَوْلاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَتْ إِلَى زَوْجِهَا أَبِي رَافِعٍ، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ لَهُ غُلامًا، فَجَاءَ أَبُو رَافِعٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَشَّرَهُ فَوَهَبَ لَهُ عَبْدًا، وَكَانَ مَوْلِدُهُ فِي ذِي الْحَجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَمَاتَ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ عشر وقد بلغ ستة شعر شَهْرًا. وَقَدْ قِيلَ فِي سِنِّهِ وَوَفَاتِهِ غَيْرُ ذَلِكَ،

مَاتَ فِي بَنِي مَازِنٍ عِنْدَ ظِئْرِهِ [١] أُمِّ بُرْدَةَ خَوْلَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدٍ وَغَسَّلَتْهُ، وَحُمِلَ مِنْ بَيْتِهَا عَلَى سَرِيرٍ صَغِيرٍ وَصَلَّى عَلَيْهِ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَرُشَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ، وَقَالَ: «الْحَقْ بِسَلَفِنَا الصَّالِحِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ» وَقَالَ: «إِنَّ لَهُ ظِئْرًا تَتِمُّ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ» وَقَالَ: «لَوْ عَاشَ لَوُضِعَتِ الْجِزْيَةُ عَنْ كُلِّ قِبْطِيٍّ» . وَقَالَ: «لو عاش إبراهيم مارق له خال» .


[ (١) ] أي مرضعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>