للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ [١] فَدُعِيَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، وَكَانَ يُدْعَى زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَائِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، تَقُولُ: آبَاؤُكُنَّ أَنْكَحُوكُنَّ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أنكحني إياه فوق سبع سموات وَغَضِبَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهَا لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ: تِلْكَ الْيَهُودِيَّةُ، فَهَجَرَهَا لِذَلِكَ ذَا الْحَجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ وَبَعْضَ صَفَرٍ، ثُمَّ أَتَاهَا، وَكَانَتْ كَثِيرَةَ الصَّدَقَةِ وَالإِيثَارِ، وَهِيَ أَوَّلُ نِسَائِهِ لُحُوقًا بِهِ، تُوُفِّيَتْ سَنَةَ عِشْرِينَ أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: هِيَ الَّتِي تُسَامِينِي فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا رَأَيْتُ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ، وَأَتْقَى لِلَّهِ، وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً.

وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي حَقِّهَا: «إِنَّهَا لأَوَّاهَةٌ» قَالَ رَجُلٌ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الأَوَّاهُ؟ قَالَ: «الْخَاشِعُ الْمُتَضَرِّعُ، وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ» .

ثُمَّ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَائِذِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُذَيْمَةَ، وَهُوَ الْمُصْطَلِقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ ربيعة بن حارثة بن عمرو من يقياء بْنِ عَامِرٍ مَاء السَّمَاءِ، سَبَاهَا يَوْمَ الْمُرَيْسِيعِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، وَقَعَتْ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، كَاتَبَهَا عَلَى تِسْعِ أَوَاقِي، فَأَدَّى عَلَيْهِ السَّلامُ عَنْهَا كِتَابَتَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَتْ جويرية من ملك اليمن، فَأَعْتَقَهَا عَلَيْهِ السَّلامُ وَتَزَوَّجَهَا، وَقَالَ الْحَسَنُ: مَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على جُوَيْرِيَةَ وَتَزَوَّجَهَا، وَقِيلَ: جَاءَ أَبُوهَا فَافْتَدَاهَا ثُمَّ أَنْكَحَهَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَكَانَ اسْمُهَا: بُرَّةَ، فَحَوَّلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمَّاهَا: جُوَيْرِيَةَ. وَكَانَتْ قَبْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مُسَافِعِ بْنِ صوفان الْمُصْطَلِقِيِّ، وَكَانَتْ جَمِيلَةً، قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَتْ جُوَيْرِيَةُ عَلَيْهَا مَلاحَةٌ وَحَلاوَةٌ، لا يَكَادَ يَرَاهَا أَحَدٌ إلا وقعت بنفسه، وعند ما تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ النَّاسُ: صَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فلا نَعْلَمِ امْرَأَةً كَانَتْ أَكْثَرَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا. تُوُفِّيَتْ بِالْمَدِينَةِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ، وَصَلَّى عَلَيْهَا مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ بَلَغَتْ سَبْعِينَ سَنَةً لأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ عِشْرِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ خَمْسِينَ وَهِيَ بِنْتُ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَلأَبِيهَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي ضِرَارٍ صُحْبَةٌ، وَكَانَ قَدْ قَدِمَ فِي فِدَاءِ ابْنَتِه جُوَيْرِيَةَ بِأَبَاعِرَ، فاسْتَحْسَنَ مِنْهَا بَعِيرَيْنِ فَغَيَّبَهُمَا بِالْعَقِيقِ فِي شِعْبٍ وَلَمْ يَعْتَرِفْ بِهِمَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم،


[ (١) ] سورة الأحزاب: الآية ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>