صَفِيَّةَ تُحِبُّ السَّبْتَ، وَتَصِلَ الْيَهُودَ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا عُمَرُ فَسَأَلَهَا، فَقَالَتْ: أَمَّا السَّبْتُ فَإِنِّي لَمْ أُحَبَّهُ مُنْذُ أَبْدَلَنِي اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا الْيَهُودُ فَإِنَّ لِي فِيهِمْ رَحِمًا فَأَنَا أَصِلُهَا، ثُمَّ قَالَتْ لِلْجَارِيَةِ: مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟ قَالَتْ: الشَّيْطَانُ، قَالَتْ: اذْهَبِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ، وَكَانَتْ صَفِيَّةُ قَدْ رَأَتْ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِهَا، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لأبيها، فضرب وجهها ضربة أثرت فيه وَقَالَ: إِنَّكِ لَتَمُدِّينَ عُنُقَكِ إِلَى أَنْ تَكُونِي عِنْدَ مَلِكِ الْعَرَبِ، فَلَمْ يَزَلِ الأَثَرُ بِهَا حَتَّى أَتَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ.
وَمَاتَتْ صَفِيَّةُ سَنَةَ خَمْسِينَ، فِي رَمَضَانَ، وَقِيلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ وَوَرِثَتْ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ بِقِيمَةِ أَرْضٍ وَعرضٍ، وَأَوْصَتْ لابْنِ أُخْتِهَا بِالثُّلُثِ، وَكَانَ يَهُودِيًّا.
ثُمَّ مَيْمُونَةُ بِنْتُ الحرث بْنِ حَزَنِ بْنِ بُجَيْرِ بْنِ الْهُزَمِ بْنِ رُوَيْبَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِلالِ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَكَانَ اسْمُهَا بُرَّةَ، فَسَمَّاهَا مَيْمُونَةَ، زَوَّجَهُ إِيَّاهَا الْعَبَّاسُ عَمُّهُ، وَكَانَتْ خَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهِيَ أُخْتُ لُبَابَةَ الْكُبْرَى، أُمِّ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَلُبَابَةَ الصُّغْرَى أُمِّ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَعَصْمَاءَ وَعَزَّةَ، وَأُمِّ حَفِيدٍ هُزَيْلَةَ لأَبٍ وَأُمٍّ، وَأَخْوَاتُهُنَّ لأُمِّهِنَّ أَسْمَاءُ وَسَلْمَى وَسَلامَةُ بَنَاتُ عُمَيْسٍ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ، وَأُمُّهُنَّ هِنْدُ بِنْتُ عَوْفِ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حمَاطَةَ الْحِمْيَرِيَّةُ، وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيِّ، فَفَارَقَهَا وَخَلَفَ عَلَيْهَا أَبُو رُهْمِ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ أَبِي قَيْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا، فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ، وَفِيهَا اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْقضيةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ: هَلْ تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ السَّلامُ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ وَهُوَ حَلالٌ،
فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَقَامَ بِهَا عَلَيْهِ السَّلامُ ثَلاثًا، فَجَاءَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، اخْرُجْ عَنَّا الْيَوْمُ آخِرُ شَرْطِكَ، فَقَالَ: دَعُونِي أَبْتَنِي بِامْرَأَتِي وَأَصْنَعُ لَكُمْ طَعَامًا، فَقَالَ: لا حَاجَةَ لَنَا بِكَ وَلا بِطَعَامِكَ، اخْرُجْ عَنَّا فَقَالَ سَعْدٌ: يَا عَاضَّ بَظْرِ أُمِّهِ، أَرْضُكَ وَأَرْضُ أُمِّكَ دُونَهُ، لا يَخْرُجُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ، فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُمْ فَإِنَّهُمْ زَارُونَا لا نُؤْذِيهِمْ»
فَخَرَجَ فَبَنَى بِهَا بِسَرْفٍ حَيْثُ تَزَوَّجَ بِهَا، وَهُنَالِكَ مَاتَتْ فِي حَيَاةِ عَائِشَةَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَقَدْ بَلَغَتْ ثَمَانِينَ سَنَةً وَقَدْ قِيلَ فِي وَفَاتِهَا غَيْرُ ذَلِكَ وَهِيَ آخِرُ مَنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: هِيَ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ: لَمَّا جَاءَهَا الْخَاطِبُ وَكَانَتْ عَلَى بَعِيرٍ رَمَتْ بِنَفْسِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute