للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ وَكَرَاهَتُهُ أَشْيَاءَ مَخَافَةَ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْهِمْ

كَقَوْلِهِ: «لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بالسواك مع كل وضوء» ،

وخبره صَلاةِ اللَّيْلِ وَنَهْيُهُمْ عَنِ الْوِصَالِ، وَكَرَاهِيَةُ دُخُولِ الْكَعْبَةِ لَيْلا يُعَنِّتُ أُمَّتَهُ، وَرَغْبَتُهُ لِرَبِّهِ أَنْ يَجْعَلَ سَبَّهُ، وَلَعْنَهُ لَهُمْ رَحْمَةً، وَأَنَّهُ كَانَ يَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَيَتَجَوَّزُ فِي صَلاتِهِ،

وَلَمَّا كَذَّبَهُ قَوْمُهُ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ أَمَرَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَاهُ مَلَكُ الْجِبَالِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: مُرْنِي بِمَا شِئْتَ، وإن شِئْتِ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ [١] قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ أَرْجُو أَنْ يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وَحْدَهُ وَلا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا.

وَرَوَى ابْنُ الْمُنْكَدِرِ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ: لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْجِبَالَ أَنْ تُطِيعَكَ، فَقَالَ: أُؤَخِّرُ عَنْ أُمَّتِي لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ،

قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا.

وَرَوَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ: «لا يُبَلِّغْنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِي شَيْئًا، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَخْرُجَ إِلَيْكُمْ وَأَنَا سَلِيمَ الصَّدْرِ» ،

وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم أوصل الناس لرحم، وأقوامهم بِالْوَفَاءِ وَحُسْنِ الْعَهْدِ.

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي داود، فثنا محمد بن سنان، فثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ بُدَيْلٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَمْسَاءِ قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيْعٍ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ، وَبَقِيتْ لَهُ بَقِيَّةٌ، فَوَعَدْتُهُ أَنْ آتِيَهُ بِهَا فِي مَكَانِهِ، ثُمَّ نَسِيتُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ بَعْدَ ثَلاثٍ، فَجِئْتُهُ فَإِذَا هُوَ فِي مَكَانِهِ، فَقَال: «يَا فَتَى لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَيَّ، أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ ثَلاثٍ أَنْتَظِرُكَ» [٢] .

وَعَنْ أَنَسٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم إذا أتى


[ (١) ] قال أبو الوليد الأزرقي: الأخشبان بمكة هما الجبلان، أحدهما: أبو قيس، وهو الجبل المشرف على الصفا إلى السويد إلى الخندمة، وكان يسمى في الجاهلية الأمين، لأنه الحجر الأسود كان مستودعا فيه عام الطوفان. قال الأزرقي: وبلغني عن بعض أهل العلم من أهل مكة أنه قال: إنما سمي أبا قبيس لأن رجلا كان يقال له أبو قبيس بنى فيه، فلما صعد فيه بالبناء سمي الجبل أبا قبيس، ويقال: كان الرجل من إياد، قال: ويقال: اقتبس منه الحجر الأسود فسمي أبا قبيس، والقول الأول أشهرهما عند أهل مكة، قال مجاهد: أول جبل وضعه الله تعالى على الأرض حين مادت أو قبيس. وأما الأخشب الآخر فهو الجبل الذي يقال له الأحمى، وكان يسمى في الجالهية: الأعرف، وهو الجبل المشرف على قعيقعان وعلى دور عبد الله بن الزبير (انظر تهذيب الأسماء واللغات للنوي ٣/ ١٠٨) .
[ (٢) ] أخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب في العدة (٥/ ٢٦٨) رقم ٤٩٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>