للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لا ذُو شَفَاعَةٍ ... سِوَاكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ

قَالَ، فَفَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِمَقَالَتِي فَرَحًا شَدِيدًا حَتَّى رُؤِيَ الْفَرَحُ فِي وُجُوهِهِمْ، قَالَ: فَوَثَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَالْتَزَمَهُ وَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْكَ، فَهَلْ يَأْتِيكَ رَئِيُّكَ الْيَوْمَ؟ قَالَ: أَمَّا مُنْذُ قَرَأْتُ الْقُرْآنَ فَلَا، وَنِعْمَ الْعَوَضُ كِتَابُ اللَهِ مِنَ الْجِنِّ، ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ يَقُولُ: كُنَّا يَوْمًا فِي حَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُمْ: آلُ ذُرَيْحٍ، وَقَدْ ذَبَحُوا عِجْلا لَهْمُ، وَالْجَزَّارُ يُعَالِجُهُ، إِذْ سَمِعْنَا صَوْتًا مِنْ جَوْفِ الْعِجْلِ ولا نرى شيئا: يا لآل ذُرَيْحٍ، أَمْرٌ نَجِيحٌ، صَائِحٌ يَصِيحُ، بِلِسَانٍ فَصِيحٍ، يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

وَقَدْ رُوِّينَا خَبَرُ سَوَادٍ هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ:

حَدَّثَنِي ابْنُ وُهَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ أَنَّ سَالِمًا حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَذَكَرَ الْخَبَرَ أَخْصَرَ مِمَّا سُقْنَاهُ، وفِي الأَلْفَاظِ اخْتِلافٌ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ وَلِسَوَادِ بْنِ قَارِبٍ هَذَا مَقَامٌ حَمِيدٌ فِي دَوْسٍ حِينَ بَلَغَهُمْ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.

قَالَ: وَمِنْ هذا الباب خبر سوادة بِنْتَ زُهْرَةَ بْنِ كِلابٍ، وَذَلِكَ أَنَّهَا حِينَ وَلَدَتْ وَرَآهَا أَبُوهَا زَرْقَاءَ سِيمَاءَ أَمَرَ بِوَأْدِهَا، وَكَانُوا يَئِدُونَ مِنَ الْبَنَاتِ مَا كَانَتْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَأَرْسَلَهَا إِلَى الْحَجُونِ لِتُدْفَنَ هُنَاكَ، فلما حفر لها الحفار وَأَرَادَ دَفْنَهَا سَمِعَ هَاتِفًا يَقُولُ: لا تَئِدِ الصَّبِيَّةَ وَخَلِّهَا فِي الْبَرِيَّةِ، فَالْتَفَتَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَعَادَ لِدَفْنِهَا، فَسَمِعَ الْهَاتِفُ يَسْجَعُ بِسَجْعٍ آخَرَ فِي الْمَعْنَى، فَرَجَعَ إِلَى أَبِيهَا وَأَخْبَرَهُ بِمَا سَمِعَ، فَقَالَ: إِنَّ لَهَا لَشَأْنًا وَتَرَكَهَا، فَكَانَتْ كَاهِنَةَ قُرَيْشٍ، فَقَالَتْ يَوْمًا لِبَنِي زُهْرَةَ: إِنَّ فِيكُمْ نَذِيرَةً، أَوْ: تَلِدُ نَذِيرًا، فَاعْرِضُوا عَلَيَّ بَنَاتِكُمْ، فَعُرِضْنَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ قَوْلا ظَهَرَ بَعْدَ حِينٍ، حَتَّى عُرِضَتْ عَلَيْهَا آمِنَةُ بِنْتُ وَهْبٍ فَقَالَتْ: هَذِهِ النَّذِيرَةُ، أَوْ: سَتَلِدُ نَذِيرًا، وَهُوَ خَبَرٌ طَوِيلٌ، ذَكَرَ الزُّبَيْرُ يَسِيرًا مِنْهُ، وَذَكَرَهُ بِطُولِهِ أَبُو بكر النقاش.

<<  <  ج: ص:  >  >>