ولم أتتبع إسناد مراسيله، وإنما كتبت ذلك بحسب ما وقع لي، وكثيرا ما أنقل عن الواقدي من طريق محمد بن سعد وغيره أخبارا، ولعل كثيرا منها لا يوجد عند غيره، فإلى محمد بن عمر انتهى علم ذلك أيضا في زمانه، وإن كان وقع لأهل العلم كلام في محمد بن إسحق، وكلام في محمد بن عمر الواقدي أشد منه، فسنذكر نبذة مما انتهى إليّ من الكلام فيهما جرحا وتعديلا، فإذا انتهى ما أنقله من ذلك أخذت في الأجوبة عن الجرح فصلا فصلا، بحسب ما يقتضيه النظر ويؤدي إليه الاجتهاد، والله الموفق.
فأما ابن إسحق فهو: محمد بن إسحق بن يسار بن خيار، ويقال: ابن يسار بن كوثان المديني، مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف أبو بكر، وقيل: أبو عبد الله رأى أنس بن مالك وسعيد بن المسيب، وسمع القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وأبان بن عثمان بن عفان، ومحمد بن علي بن الحسن بن علي ابن أبي طالب، وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ونافعا مولى ابن عمر، والزهري وغيرهم، وحدث عنه أئمة العلماء، منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، وسفيان الثوري، وابن جريج، وشعبة، والحمادان، وإبراهيم بن سعد، وشريك بن عبد الله النخعي، وسفيان بن عيينة ومن بعدهم.
ذكر ابن المديني عن سفيان بن عيينة أنه سمع ابن شهاب يقول: لا يزال بالمدينة علم ما بقي هذا (يعني ابن إسحق) . وروى ابن أبي ذئب عن الزهري أنه رآه مقبلا فقال: لا يزال بالحجاز علم كثير ما بقي هذا الأحول بين أظهرهم، وقال ابن علية: سمعت شعبة يقول: محمد بن إسحق صدوق في الحديث، من رواية يونس بن بكير عن شعبة: محمد بن إسحق أمير المحدثين، وقيل: لم؟ قال: لحفظه.
وقال ابن أبي خيثمة: حدثنا ابن المنذر عن ابن عيينة أنه قال: ما يقول أصحابك في محمد بن إسحق؟ قال: قلت: يقولون أنه كذاب، قال: لا تقل ذلك، قال ابن المديني: سمعت سفيان بن عيينة سئل عن محمد بن إسحق، فقيل له: ولم يرو أهل المدينة عنه؟ قال: جالسته منذ بضع وسبعين سنة، وما يتهمه أحد من أهل المدينة، ولا يقولون فيه شيئا، وسئل أبو زرعة عنه فقال: من تكلم في محمد بن إسحق! هو صدوق. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال ابن المديني: مدار حديث