للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد غدوتُ على المحدّثِ آنفاً ... فإذا بحضْرَتهِ ظباءٌ رُتعُ

يتجاذبون الحِبْرَ من ملمومَةٍ ... بيضاءَ تحمِلُها عَلائِقُ أربعُ

من خالصِ البلّورِ غُيِّرَ لونُها ... فكأنها سبَحٌ يَلوحُ فيَلْمَعُ

فمتى أمالوهَا لِرَشْفِ رُضابها ... أدَّاهُ فُوهَا وهي لا تتمنَّعُ

فكأنَّها قَلبي يُظنُ بسرِّه ... أبداً ويُكْتَمُ كل ما يُسْتودعُ

يَمْتَاحُها ماضِي الشَّباةِ مُدلقٌ ... يجري بميدَانِ الطُروس فيُسرعُ

فكأنّه والحبْرُ يْخضِبُ رأسَهُ ... شيخٌ لوصَل خريدةٍ يتصَنَّعُ

ألا ألاحظه بعَيْنِ جلالةٍ ... وبه إلى اللهِ الصحائف تُرفعُ (١)

ورُويَ عن رجلٍ يقالُ له: الحطيم، قالَ في سفيانَ بن عيينةَ وكانَ مع هارونَ:

سيري نجاءً وقاكِ اللهُ من عطبٍ ... حتى تُلاقي بعدَ البيتِ سُفيانا

شيخُ الأنامِ ومَنْ جلتْ مناقبُهُ ... لاقى الرجالَ وحازَ العلمَ أزمانا

حَوَى البيانَ وفهماً عالياً عجباً ... إذا يَنُصُّ حديثاً نصَّ برهانَا

قد زانهُ الله أنْ دانَ الرجالَ لهُ ... فقد يراهُ رواةُ العلمِ رَيحانَا

ترى الكهُولَ جميعاً عندَ مشهدهِ ... مستنصتينَ وشيخاناً وشُبَّانا

يضُمُّ عَمْراً إلى الزهريِّ يسندُه ... وبعدَ عمرٍو إلى الزهريِّ صفوانا

وعبدة وعبيدَ اللهِ ضمهما ... وابنَ السبيعيَّ أيضاً وابنَ جُدْعَانا

فعنهُمُ عن رسول الله يوسِعُنا ... علماً وحكماً وتأويلاً وتبيانا (٢)


(١) المحدّث الفاصل: ٢٢١ - ٢٢٢ (١١٠)، وانظر: أدب الكتاب: ١٢٤، وزهرة الآداب وثمر الألباب: ١٠٥٥.
(٢) المحدّث الفاصل: ٢٢٤ - ٢٢٦ (١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>