للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشيءٍ إلا وهو صحيحٌ عندهُ. وقولُ البخاريِّ في التوحيدِ: وقالَ الماجشونُ ... إلى آخرهِ صحيحٌ عندهُ بهذا السندِ، وكونهُ رواهُ في أحاديثِ الأنبياءِ متصلاً، فجعلَ مكانَ أبي سلمةَ الأعرجَ، لا يدلُ على ضعفِ الطريقِ التي فيها أبو سلمةَ، ولا مانعَ من أنْ يكونَ عندَ الماجشونِ في هذا الحديثِ إسنادانِ، وأنَّ شيخَهُ عبدَ اللهِ بنَ الفضلِ سَمعهُ من شيخينِ: من الأعرجِ، ومن أبي سلمةَ، فرواهُ مرةً عن هذا، ومرةً عن هذا. ويكونُ الإسنادُ الذي وَصَلَهُ بهِ البخاريُّ أصحَّ منَ الإسنادِ الذي علّقهُ بهِ، ولا نحكمُ على البخاريِّ بالوهمِ، والغلطِ، بقولِ أبي مسعودٍ الدمشقيِّ: إنَّه إنما يعرفُ عن الأعرجِ، فقد عرفهُ البخاريُ عنهما، وَوَصلهُ مرةً عن هذا، وعلّقهُ مرةً عن هذا؛ لأمرٍ اقتضى ذَلِكَ، فما وُصِلَ إسنادُهُ صحيحٌ، وما عَلّقهُ وجزمَ بهِ يُحكمُ له أيضاً بالصحةِ، واللهُ أعلمُ (١))) (٢).

قولهُ: (واتصالهِ من موضعِ التعليقِ) (٣)، أي: فقد يكونُ غيرُ متصلٍ.

قالَ البخاريُّ: وقالَ طاووس: قال معاذٌ: ائتوني بعرضِ ثيابٍ خميص، أو لبيس أهون عليكم، وخيرٌ لأصحابِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - (٤) في المدينةِ. فطاووس لم /٤٩أ/ يسمعْ من معاذٍ (٥)؛ ولهذهِ العلةِ ونحوها لا ينبغي الاحتجاجُ بهِ، إلاّ إذا نظرَ الإسنادُ من المعلقِ عنه إلى منتهاهُ، فوجدَ صحيحاً، وقد توهمَ بعضُ الفقهاءِ أنَّهُ محكومٌ بصحتهِ مطلقاً، فيقولونَ في تصانيفهم: أخرجه البخاريُّ تعليقاً جازماً بهِ. وهذا كما وقعَ لهم في الاحتجاجِ بما سكتَ عليهِ أبو داودَ، لقولهِ: إنَّ ما سَكتُّ عليهِ صالحٌ.


(١) من قوله: ((قوله: فإن يجزم فصحح .... )) إلى هنا لم يرد في (ك).
(٢) التقييد والإيضاح: ٣٨.
(٣) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٣٨.
(٤) لم ترد في (ف).
(٥) انظر: علل الحديث لابن المديني: ٨٨. وقد تسهل بعض العلماء في هذا الانقطاع خاصة لاهتمام طاووس بفقه معاذ حتى قال الشافعي: ((طاووس عالم بأمر معاذ، وإن كان لم يلقه)) نصب الراية ٢/ ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>