للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخفيَ عليهم أنَّهُ يريدُ بـ (صالحٍ) أعمَّ منَ الصلاحيةِ للاعتبارِ، أو الاحتجاجِ (١)، وأشدُّ من هذا أنْ يكونَ إنما سكتَ عليهِ في الموضعِ الذي نقلوهُ منهُ؛ لتبيينهِ حاله في موضعٍ آخرَ، ووراءَ ذلكَ (٢) كله أنَّهُ يحتجُ بالضعيفِ إذا لم يجد في البابِ غيرَهُ على طريقةِ الإمامِ أحمدَ، فإنَّ ذلكَ عندهُ أولى من رأي الرجالِ (٣).

قوله: (فهذا ليسَ من شرطهِ) (٤)، أي: لأنَّهُ لا يحتجُ ببهزٍ؛ لأنَّهُ لما أبرزَهُ جزمَ، فقالَ: ((وقال بهزٌ)) (٥)، لصحةِ


(١) كلام البقاعي هنا تحقيق جد، وانظر بلا بد في شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٦٢ هامش (٤) و١/ ١٦٣ هامش (٣)، والله الموفق.
(٢) في (ف): ((هذا)).
(٣) هذا نظر جيد من البقاعي - رحمه الله - إذ لا يستفاد من سكوت أبي داود في تقوية الأحاديث، وذلك لعدة أمور يطول المقام في سردها، منها: اختلاف روايات سنن أبي داود، ففي بعض الروايات من أقوال أبي داود ما ليس في الأخرى، ثم إن أبا داود قد يضعف الحديث بالراوي، فإذا جاء هذا الراوي بحديث آخر يسكت أحياناً؛ لأنه تقدم الكلام عليه عنده، ثم إن أبا عبيد الآجري في سؤالاته ينقل كثيراً من تضعيف أبي داود لبعض الأحاديث، وهو قد سكت عنها في سننه.
وقد أطال الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح ١/ ٤٣٢ - ٤٤٥ وبتحقيقي: ٢٢٦ - ٢٣٧ في بحث هذه المسألة، وذكر أمثلة كثيرة من الأحاديث الضعيفة التي سكت عنها أبو داود.
فينبغي التنبيه على: أن سكوت أبي داود لا يستفيد منه كل أحد، فقد قال الحافظ ابن حجر في النكت ١/ ٤٣٩: ((فلا ينبغي للناقد أن يقلده في السكوت على أحاديثهم، ويتابعه في الاحتجاج بهم، بل طريقه: أن ينظر: هل لذلك الحديث متابع، فيعتضد به، أو غريب، فيتوقف فيه؟)).
(٤) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٣٨، وهي عبارة ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث: ٩٦.
(٥) " صحيح البخاري " ١/ ٧٨ عقب (٢٧٧). وقد وصله عبد الرزاق (١١٠٦)، وأحمد ٥/ ٣ و٤، وأبو داود (٤٠١٧)، وابن ماجه (١٩٢٠)، والترمذي (٢٧٦٩)
و (٢٧٩٤)، والنسائي في " الكبرى " (٨٩٧٢)، والحاكم ٤/ ١٧٩، وأبو نعيم في
" الحلية " ٧/ ١٢١، والبيهقي ١/ ١٩٩، والخطيب في " تأريخه " ٣/ ٢٦١.
وقال اللكنوي في ظفر الأماني: ١٦٤: ((هو حديث حسن مشهور)).

<<  <  ج: ص:  >  >>