وَالْجَوَاب أَن على قَول من لم يعْتَبر انْقِرَاض الْعَصْر فِي صِحَة الْإِجْمَاع لَا نسلم الأَصْل فَإِنَّهُم إِذا اخْتلفُوا لم يجز أَن يجمعوا على أحد الْقَوْلَيْنِ
وَأما قصَّة مانعي الزَّكَاة فَلم يحصل فِيهِ اخْتِلَاف فِي الْحَقِيقَة وَإِنَّمَا كَانُوا فِي طلب الدَّلِيل ومهلة النّظر وَلم ينْقل بَينهم فِيهِ خلاف
وَمن قَالَ إِن انْقِرَاض الْعَصْر مُعْتَبر فِي صِحَة الْإِجْمَاع أسقط الِاخْتِلَاف بِالْإِجْمَاع وَفرق بَين الْمَوْضِعَيْنِ فَإِنَّهُم إِذا أَجمعُوا بعد الْخلاف صَارَت الْمَسْأَلَة على قَول وَاحِد فَيسْقط القَوْل الآخر لِأَن الْقَائِل بِهِ قد رَجَعَ عَنهُ وَأقر بِبُطْلَانِهِ وَلَيْسَ كَذَلِك هَاهُنَا لأَنهم إِذا مَاتُوا على اخْتِلَاف كَانَ قَول الْمُخَالف مِنْهُم بَاقِيا وَهُوَ كالحي الْقَائِم فَلم يجز إِسْقَاطه بِالْإِجْمَاع بعده
وَلِأَن الصَّحَابَة لَو أَجمعت على أَمر جَازَ أَن يَخْتَلِفُوا فِيهِ كَمَا قَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ رَأْيِي ورأي أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر ورأي الْجَمَاعَة أَن لَا تبَاع أُمَّهَات الْأَوْلَاد وَأرى الْآن أَن يبعن وَلَو أَجمعت الصَّحَابَة على قَول ثمَّ أَرَادَ التابعون الِاتِّفَاق على خِلَافه لم يجز فَافْتَرقَا