للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُلْنَا لَا نسلم أَن الْإِجْمَاع بعد الْخلاف حجَّة وَإِنَّمَا يكون حجَّة إِذا لم يتَقَدَّم خلاف وَهَذَا كَمَا نقُول فِي الْقيَاس أَنه حجَّة إِذا لم يُعَارضهُ نَص فَأَما إِذا عَارضه نَص لم يكن حجَّة كَذَلِك هَاهُنَا

على أَنه إِن كَانَ مَا حصل من الْإِجْمَاع حجَّة فَمَا تقدم من الِاخْتِلَاف حجَّة فِي جَوَاز الِاجْتِهَاد وَالْأَخْذ بِكُل وَاحِد من الْقَوْلَيْنِ وَلَيْسَ لَهُم مُرَاعَاة أحد الإجماعين إِلَّا وَلنَا مُرَاعَاة الآخر وَمَا قُلْنَا أولى لِأَن إِجْمَاع الْعَصْر الأول حجَّة على الْعَصْر الثَّانِي وَالثَّانِي لَا يكون حجَّة على الْعَصْر الأول

قَالُوا وَلِأَن كل حكم لَا يجوز لعامة عصر التَّابِعين الْعَمَل بِهِ لم يجز لمن بعدهمْ الْعَمَل بِهِ كالمنسوخ من أَحْكَام الشَّرْع

قُلْنَا لَا نسلم الْوَصْف فَإِن من استفتى مِنْهُم الصَّحَابَة يجوز لَهُ الْعَمَل بِهِ فِي عصر التَّابِعين ثمَّ نعارضهم بِمثلِهِ فَنَقُول كل حكم جَازَ لعامة عصر الصَّحَابَة الْعَمَل بِهِ جَازَ لعامة عصر التَّابِعين الْعَمَل بِهِ دَلِيله إِذا لم يجمع التابعون على أحد الْقَوْلَيْنِ

قَالُوا وَلِأَنَّهُ إِذا تعَارض خبران ثمَّ اتّفق أهل عصر على ترك أَحدهمَا وَالْقَوْل بِالْآخرِ سقط الْمَتْرُوك مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ هَاهُنَا إِذا اتّفق أهل الْعَصْر الثَّانِي على ترك أحد الْقَوْلَيْنِ وَالْعَمَل بِالْآخرِ وَجب أَن يسْقط الْمَتْرُوك مِنْهُمَا

قُلْنَا إِنَّمَا يسْقط الْمَتْرُوك من الْخَبَرَيْنِ لِأَنَّهُ لم يذهب إِلَيْهِ أحد من أهل الْعَصْر قبله وَلَيْسَ كَذَلِك الْمَتْرُوك من الْقَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ قد صَار إِلَيْهِ أحد فريقي الصَّحَابَة فَجَاز الْأَخْذ بِهِ فوزانه من الْخَبَر أَن يذهب إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا فريق من النَّاس فَلَا يجوز إِسْقَاطه بِالْإِجْمَاع بعده

وَلِأَن الْخَبَرَيْنِ وردا مِمَّن يَصح مِنْهُ نسخ أَحدهمَا بِالْآخرِ فَإِذا اجْتمع النَّاس على ترك أَحدهمَا علمنَا بِأَنَّهُم علمُوا نسخه من جِهَته وَلَيْسَ كَذَلِك الْقَوْلَانِ لِأَنَّهُمَا وردا من طائفتين لَا يَصح نسخ قَول أَحدهمَا بِالْآخرِ فَلَا يَصح إِسْقَاط أَحدهمَا بِالْآخرِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

<<  <   >  >>