قَالُوا وَلِأَنَّهُ لَا خلاف أَن تَرْجِيح الظَّوَاهِر المتقابلة يجوز لما لَا يجوز أَن يثبت الحكم بِنَفسِهِ وَهَذَا يدل على أَن دَلِيل الحكم هُوَ الَّذِي وَقع لَهُ الْمُقَابلَة وَأَنه إِذا تعَارض ظاهران فقد قَامَ دَلِيل كل وَاحِد من الْخَصْمَيْنِ على الحكم فَدلَّ على أَن الْجَمِيع حق
قُلْنَا لَا نسلم فَإِنَّهُ لَا يرجح عندنَا أحد الدَّلِيلَيْنِ على الآخر إِلَّا بِمَا يجوز أَن يَجْعَل دَلِيلا عِنْد الْكَشْف والتقرير
وعَلى أَن هَذَا هُوَ الْحجَّة عَلَيْهِم فَإِنَّهُ لَو كَانَ الْجَمِيع صَوَابا لما طلب تَقْدِيم أحد اللَّفْظَيْنِ على الآخر بصروف من التَّرْجِيح وَلما عدلوا عِنْد التقابل إِلَى التَّرْجِيح دلّ على أَنه لَا يجوز أَن يكون مَا اقْتَضَاهُ الظَّاهِر أَن الْجَمِيع حق
أَلا ترى أَن كل وَاحِد من الْخَصْمَيْنِ يُمكنهُ أَن يتَأَوَّل دَلِيل خَصمه بِضَرْب من الدَّلِيل وَيصرف عَن ظَاهره بِوَجْه من الدَّلِيل بِحَيْثُ لَا يكون لأحد مِنْهُمَا على الآخر مزية فِي الْبناء والتأويل فَوَجَبَ أَن يكون الْجَمِيع حَقًا وصوابا