للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الِانْتِقَال إِلَى غَيره عِنْد تغير الِاجْتِهَاد دَلِيل على أَن الْحق وَاحِد فَلَيْسَ لَهُم أَن يتعلقوا بترك النَّقْض إِلَّا وَلنَا أَن نتعلق بِوُجُوب الِانْتِقَال عِنْد تغير الِاجْتِهَاد

وعَلى أَنه إنم لم تنقض الْأَحْكَام لِأَن ذَلِك يُؤَدِّي إِلَى أَن لَا يسْتَقرّ لأحد مَالك فِي الشَّرْع وَلَا يثبت بِهِ حق لِأَنَّهُ مَتى حكم لَهُ حَاكم بِملك أَو حق جَاءَ غَيره فنقض ذَلِك وَيَجِيء آخر فينقض على الثَّانِي وعَلى هَذَا أبدا فَلَا يسْتَقرّ لأحد ملك على شَيْء وَهَذَا فِيهِ فَسَاد عَظِيم

قَالُوا لَو كَانَ الْحق فِي وَاحِد لما سوغ للعامي تَقْلِيد من شَاءَ من الْعلمَاء

قُلْنَا نَحن لَا نسوغ لَهُ تَقْلِيد من خَالف الْحق بل نقُول لَهُ قلد عَالما بِشَرْط أَن يكون مصيبا كَمَا نقُول لَهُ قلد عَالما بِشَرْط أَن يُخَالف النَّص

على أَنا لَو منعنَا الْعَاميّ أَن يُقَلّد إِلَّا من مَعَه الصَّوَاب لم يجد إِلَى معرفَة ذَلِك سَبِيلا إِلَّا بِأَن يتَعَلَّم الْفِقْه وَفِي إِيجَاب ذَلِك على كل أحد مشقة وَفَسَاد فسمح لَهُ بتقليد الأوثق فِي نَفسه

قَالُوا لَو لم يكن كل مُجْتَهد مصيبا لما جَازَ اسْتِخْلَاف الْمُخَالفين فِي القضايا وَالْأَحْكَام مَعَ الْعلم بِأَنَّهُم يحكمون بِخِلَاف مَا يَعْتَقِدهُ الْمُسْتَخْلف

قُلْنَا نَحن لَا نستخلف من يعْتَقد فِي قضاياه مَذْهَب نَفسه فَيحكم بِهِ وَإِنَّمَا نستخلف من هُوَ من أهل الِاجْتِهَاد يجدد اجْتِهَاده فِي كل قَضِيَّة فَيحكم بِمَا يَقْتَضِيهِ الدَّلِيل

قَالُوا لَا خلاف أَن الْمُجْتَهد إِذا بذل وَسعه فِي الِاجْتِهَاد وَطلب الحكم وَجب عَلَيْهِ اعْتِقَاد مَا أَدَّاهُ الِاجْتِهَاد إِلَيْهِ وَمَتى ترك ذَلِك اسْتحق الذَّم فَلَو لم يكن الْمَأْمُور بِهِ مَا أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَيْهِ لما اسْتحق الذَّم على تَركه وَإِذا ثَبت أَن ذَلِك هُوَ الْمَأْمُور بِهِ وَجب أَن يكون حَقًا وصوابا

قُلْنَا لَا نسلم أَنه يجب عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاع وَكَيف يدعى الْإِجْمَاع فِي هَذَا مَعَ إِنْكَار مُخَالفَته عَلَيْهِم ومنعهم مِنْهُ وَإِظْهَار الِاحْتِجَاج على فَسَاده

<<  <   >  >>