للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالُوا وَلِأَنَّهُ لَو كَانَ الْحق فِي وَاحِد لَكَانَ الله تَعَالَى قد نصب عَلَيْهِ دَلِيلا وَلَو كَانَ فعل ذَلِك لسقط عذر الْمُخَالف فِيهِ ولوجب أَن يَجْعَل كل من خَالف ذَلِك آثِما فَاسِقًا كَمَا نقُول فِي العقليات

قُلْنَا كَذَا نقُول إِن الله تَعَالَى قد نصب على الْحق دَلِيلا وَأَبَان بِهِ خطأ الْمُخَالف وَلكنه لَا يَأْثَم وَلَا يفسق لِأَن طَرِيق المأثم وَالْفِسْق الشَّرْع وَقد ورد الشَّرْع بِإِسْقَاط الْإِثْم عَن الْمُجْتَهد وَترك تفسيقه

وعَلى أَنه يحْتَمل أَن يكون قد أسقط عَنهُ المأثم وَالْفِسْق لخفاء الْأَدِلَّة بِكَثْرَة وجود الشّبَه فأكمل الله تَعَالَى التفضل على الْمُجْتَهد بِأَن أسقط عَنهُ الْإِثْم وأثابه على قَصده واجتهاده

قَالُوا لَو كَانَ الْحق فِي وَاحِد لَكَانَ ينْقض بِهِ كل حكم يُخَالِفهُ كَمَا قَالَ الْأَصَم وَبشر المريسي وَلما قُلْتُمْ إِنَّه لَا ينْقض الحكم بِخِلَافِهِ دلّ على أَن الْجَمِيع حق وصواب

وَالْجَوَاب أَنه لَيْسَ إِذا لم ينْقض الحكم الْوَاقِع بِأحد الْقَوْلَيْنِ دلّ على أَنه حق وصواب

أَلا ترى أَن من بَاعَ فِي حَال النداء لم ينْقض بَيْعه وَلَا يدل أَن ذَلِك حق وصواب

وَلِأَنَّهُ إِذا لم ينْقض الحكم لجَوَاز أَن يكون هُنَاكَ آخر لم يؤده اجْتِهَاده إِلَيْهِ فَلَا يجوز الْإِقْدَام على بعضه

وعَلى أَنه إِن كَانَ الْمَنْع من نقض الحكم دَلِيلا على أَن الْكل حق فوجوب

<<  <   >  >>