من طينة الخبال (. قيل: وما طينة الخبال؟ قال:) صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة (فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيصير حميما فيشربه أهل النار ويصهر به ما في بطونهم والجلود.
وأما قوله:) ونهى عن شرب الخمر (فكل شراب خامر العقل أو خالطه حتى شده عن أن يشرق على قلبه فهو خمر. وكذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قام على المنبر خطيبا في شأن الخمر.
فالخمر نزل تحريما أيضا كالربا، فلما كان الربا أبواب، فكذلك الخمر أجناس. فالخمر ما خامر العقل وغشاه؛ فكل شيء مغطى فهو مخمر. فالعصير إنما يغلى ويصير رجسا بما يناله من يد العدو، وذلك أن العدو خلق من مارج من نار، فإذا أدخل يده فيه فخاضه أزبد وغلى؛ فرجاسته في يده.. ألا ترى أنه قال في تنزيله:) رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطانِ فاجتَنِبوهُ) فعمله هو إدخال يده فيه حتى يغلى من حرارة يده المعلونة؛ فرجاسته منها.
فحرمه الله؛ لأنه لما دخل طار إلى رأسه، إلى معدن العقل، فأفسده، وسد الطريق إلى القلب. وذلك أن العقل في الدماغ، وشعاعه وعمله في القلب، وتدبيره في الصدر. فإذا صار سدا، بقى العقل في الدماغ منكمنا، فاستد الطريق. ولذلك قيل: سكر، أي سد. وفي ذلك قيل: سكر النهر، أي سده. وسكر غيره وساكر بنفسه. ومن ذلك قوله تعالى