فقد وصفنا شأنه بدءا أن هذا هو الشعر المهجور. فإن كان وقع النهي عن ثمنه على الصحيفة فالمعنى على ما وصفنا من أنه كلام مهجور. وأما إذا كان كلاما محمودا، فالبيع وثمنه غير داخل في ذلك النهى.. ألا ترى أنه ما نهى عبد الله بن رواحةن وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت، وهم شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم يذبون عنه ويهجون الكفار ويعيرونهم وينكون فيهم، كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:(لَكَأَنَّما تَنضَحُونَهُم بِالنَبل) .
وإنما معناه في النهي عندنا عن مجالسة الشعراء عمن كان بهذه الصفة التي ذكر الله تعالى:(وَالشُعَراءُ يَتَّبِعهُمُ الغَاوون أَلَم تَر أَنَّهُم في كُلِ وَادٍ يَهيمونَ وَأَنَّهُم يَقولونَ مَالاَ يَفعَلُونَ) فبين أنهم في أودية الضلالة يهيمون طعنا وتعييرا ومثالب للأموات ورميا بالفرى لفروج المحصينات. فمن جالسه فهو تابعه، وهو فار. ثم استنثى المحمود منهم، فقال:(إلا الَّذين آَمَنَوا وَعَمِلوا الصالِحات وَذَكَرُوا الله كَثيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعدِ ما ظُلِمُوا) . وما كان من الشعر بعد ذلك حكمة وموعظة، فهو خارج عن هذا المنهى، وقد روي