الغراب كيف ترك أمر الرسول عليه السلام، وأقبل على جيفة حمامة، وجفا حيث خرج من السفينة يوم استوت سفينة نوح عليه السلام على الجودي؟ وألا ترى أن الحمامة كيف أسرعت الرجعة وفي منقارها ورق الزيتون، وعلى رجليها أثر الطين؛ فهذه جواهر الأرض، فالنملة كيسة.. ألا ترى أنها تجمع في صيفها لشتائها حرزا وأخذا بالحزم، فلم يكن هذا لها من بينالدواب إلا ولها هناك فضل معرفة وبصر؟ ألا ترى كيف قالت عندما أقبل سليمان عليه السلام في موكبه حتى تبسم نبي الله ضاحكا من قولها، فقالت:(يا أَيُّهَا النَّملُ اِدخلُوا مَسَاكِنَكُم لاَ يَحطِمَنَّكُم سُلَيمانُ وَجُنودُهُ وَهُم لاَ يَشعُرُونَ) . ألا ترى أنه فزع عندما سمع هذه الكلمة إلى إيزاع الشكر؛ لأنها ذكرت الحطم، ثم نسبته إلى أن يفعل ذلك.
وأما الهدهد، فحدثنا سليمان بن حميد أبو الربيع الأيادي، حدثنا عون بن عمارة، عن الحسن الجعدي، عن الزبير بن حريث، عن عكرمة، قال: إنما صرف الله شر سليمان عليه السلام عن الهدهد لأنه كان بارا بأبويه.
وسمعته يقول: إن ملكا خرج إلى الصيد في يوم صحو، فقابله حراث يرجع مع آلته إلى بيته، فقال للملك: ارجع فهذا يوم مطير، فلم يقبل الأمير ما قال ومضى، وكان ساعة جاء المطر؛ فقال الأمير: هو رجل منجم، علىّ به.
فقال: لست بمنجم، ولكن أعلم علم النمل أنه يدخل طعامه يوما يعلم أنه