وذلك أنه كفور، والكفور ممقوت؛ فهذا الدعي سلاسلة أبيه وفلذة كبده، وعطف قلبه؛ ولده، ورباه، وتبناه، وحاطه حياطة الآباء، فذهب وتبرأ من أبيه، وادعى أنه لغيره، فهذا قد كفر النعمة وانتسب إلى الفجور؛ فهذا مستوجب اللعنة.
وكذلك عبد أعتق، وولى نعمته أعتقه، فذهب ووالى غيره؛ فهو كفور لنعمة الله.
وأما الدعى، وهو ولد الزنا، فذاك جسد ركب في بطنه أمه على حرام، فاختلط الماءان، وامتشجا على معصية الله. فهو وإن لم يكن له ذنب فيما عمل أبواه، فأصل الخلقة مبنية على أمر عظيم لم يجز فيه طهارة ولا عفة.
ولذلك قيل لود الزنا شر الثلاثة، ولا يؤمن في الصلاة ولد زنية.
ومن العلماء من قال: لا يجوز في عتق الرقبة ولد الزنا. فإنما شددوا في هذا لأنهم نظروا إلى أصل البنية، وهو بمنزلة بذر نبت في أرض غصب، فالبذر وإن كان لصاحبه ملكا، فإنما كان الزرع في أرض لا ملك له فيها، فصار ذلك الزرع حراما.. فكذلك هذا الولد بذر - قد بذره في محترث لا ملك له فيها، فما زرع من ذلك البذر فخلقه الله تعالى كان ذلك الخلق حراما، والحرام مرفوض.