للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحصل لَكَ مَا لا يرجى لَكَ برؤه وأمره بما يستعمل فِي المستقبل فلما قام من عنده سأله الجماعة عن السبب فقال أخذت ثفلته فِي الثوب الأطلس الأحمر وأحميتها فِي كفي ساعة ونظرت فِيهَا هل بقي بعد مَا نشر بِهِ الثوب مما ثفل كالقشور والنخالة فلم أجده ولو وجدته دلني عَلَى أن السعال من قرح فِي الرئة أَوْ فِي الصدر وكلاهما صعب فلما لَمْ أجد شيئاً من ذَلِكَ علمت أنه بلغم لزج زجاجي وَقَدْ لحج بقصبة الرئة وآلات التنفس فأردت جلاءه من هناك وأمرته بتناول النارنجة فلما عاد إلي ووجد شدة علمت أنها قَدْ جلت وقطعت مَا هناك وَلَمْ تستنفده فأمرنه بتناول الأخرى فجلت مَا بقي ونهيته عن استعمال الأخرى لئلا يقرح الموضع بكثرة الجلاء فيقع فيما احترزنا منه فاستحسن الحاضرون ذَلِكَ من صناعته اللطيفة وَكَانَ الأطباء فِي وقته يسألونه عن مسائل من الأمر فيجيب عنها بخطه فيسطرون ذَلِكَ عنه إِلَى أن صار مؤلفاً يتناقلونه بينهم وَلَمْ يزل سعيداً إِلَى أن قلب لَهُ الدهر ظهر المجن ووضع من سنائه بعد أن أسن فأدركته علل قصر عن معاناتها طبه واستولت عَلَيْهِ آلام لَمْ يطق حملها جسمه ولا قلبه وذلك أنه عمي وطرش وبرص وتجذم فنعوذ بالله من استحالة الأحوال وضيق المجال وسوء المآل ولما أحس بالموت أوصى إِلَى من يتولاه أن يكتب عَلَى قبره مَا مثاله هَذَا قبر أوحد الزمان أبي البركات ذي العبر صاحب المعتبر فذكر بعض من رأى قبره بهذه الصنعة فسبحان من لا تغلبه غالب ولا ينجو من قضائه متحيل ولا هارب نسأل الله فِي حياتنا العافية وخاتمة خير فِي العاقبة ري قَدْ أحسنت فيما مضى فأسألك أن تحسن إلينا فيما بقي سؤال عبدك الضعيف المضطر فاستجب لَهُ ولا ترده عن بابك خائباً يَا الله .. وَفِي كبر أبي البركات أوحد الزمان وتواضع أمين الدولة أبي الحسن بن التلميذ يقول البديع هبة الله الاصطرلابي:

أبو الحسن الطبيب ومقتفيه ... أبو البركات فِي طرفي نقيض

فذاك من التواضع فِي الثريا ... وهذا بالتكبر فِي الحضيض

وذكر ابن الزاغواني أن إسلام أبي البركات كَانَ سببه أنه كَانَ فِي صحبة السلطان محمود ببلاد الجبل وإلى محمود ولاية العراق وَكَانَتْ زوجته

<<  <   >  >>