الخاتون بنت عمه سنجر وَكَانَ لَهَا مكرماً محباً معظماً واتفق أن مرضت وماتت فجزع جزءاً شديداً ولما عاين أبو البركات ذَلِكَ الجزع من محمود خاف عَلَى نفسه من القتل إذ هو الطبيب فأسلم طلباً لسلامة نفسه.
هرمس الثاني هَذَا هو هرمس الثاني بلا شك وهو هرمس البابلي شهدت التواريخ بذلك من أهل بابل سكن مدينة الكلدانيين وهو كلوذا وينسبون إليها كلدانياً عَلَى خلاف الأصل وَكَانَ بعد الطوفان وهو أول من بنى مدينة بابل بعد نمروذ بن كوش وَكَانَ بارعاً فِي علم الطب والفلسفة وعارفاً بطبائع الأعداد وَكَانَ تلميذ فيثاغورس لارثماطيقي وهرمس هَذَا جدد من علم الطب والفلسفة وعلم العدد وَمَا كَانَ قَدْ درس بالطوفان ببابل ذكر ذَلِكَ أبو معشر ومدينة الكلدانيين هَذِهِ مدينة الفلاسفة من أهل المشرق وفلاسفتهم أول من حدد الحدود ورتب القوانين وهم فلاسفة الفرس حذاق.
هرمس الثالث المصري والصحيح الَّذِي دلت عَلَيْهِ الأخبار وتواترت أن هَذَا هو الثالث وهو الَّذِي سمى المثلث بالحكمة لأنه جاء ثالث الهرامسة الحكماء والبابلي هو الثاني فافهم ذَلِكَ ترشد إِن شاء الله وهذا رجل من حكماء مصر بعد الطوفان وَكَانَ فيلسوفاً جوالاً إِلاَّ فِي البلاد قديم العهد عالماً بالبلاد ونصبها وطبائع أهلها وَلَهُ. كتاب جليل فِي صناعة الكيمياء. وكتاب فِي الحيوانات ذوات السموم وهو من علماء هَذَا الإقليم وأمة إقليم مصر من الأمم المذكورة وكانوا أهل ملك عظيم وهز قديم فِي الدهور الخالية والأزمان السالفة دل عَلَى ذَلِكَ آثارهم وعمائرهم وهياكلهم وبيوت علمهم الموجود أكثرها فِي الإقليم إِلَى يومنا هَذَا وهي آثار أجمع أهل الأرض أنه لا مثل لَهَا فِي إقليم من الأقاليم فأما مَا كَانَ قبل الطوفان فجهل خبره وبقي أثره مثل الأهرام والبرابي والمغائر المنحوتة فِي جبال الإقليم إِلَى غير ذَلِكَ من الآثار الموجودة وأما بعد الطوفان فقد صار أهل الإقليم أخلاطاً من الأمم قبطي ورومي ويوناني وعمليقي إِلاَّ أن الغلبة والكثرة للقبط وإنما خفي عَلَى الناس أنسابهم فاقتصر من التعريف بهم عَلَى نسبتهم إِلَى وضعهم من بلد مصر وحد بلاد مصر فِي الطول من برقة الَّتِي فِي جنوب البحر الرومي إِلَى أيلة من ساحل الخليج من بحر الحبشة والزنج والهند والصين ومسافة ذَلِكَ قريب من أربعين يوماً