للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع

الأدلة على حجية قول الصحابي

بعد هاتين المقدمتين السابقتين فالأدلة على حجية قول الصحابي ما يلي:

الدليل الأول: كل دليل على حجية دليل الإجماع، فهو دليل على أن مذهب الصحابي حجة؛ وذلك أن الصحابي أو الصحابيين أو الثلاثة أو الأربعة ... إذا قالوا قولا، ولم يخالفوا، فإن هذا إجماعٌ، ولا يصح لأحد أن يقول: إن مثل هذا الإجماع لا يقبل، أو يقول ما شاع عند المتكلمين إن هذا إجماع سكوتي ثم يرده؛ وذلك أن مقتضى رد الإجماع السكوتي أنه لا إجماع؛ لأنه لا يوجد إجماع منطوق، بمعنى: أن كل عالم نطق بقول في هذه المسألة (١).

بل لو أردت أن تثبت عن أهل بدر أنهم قالوا بوجوب الصلوات الخمس لما استطعت أن تثبت ذلك، فإذا لم تستطع ذلك في الصلوات الخمس، وفي مثل أهل بدر، فغيرها من المسائل من باب أولى، فالقول بأنه لا بد أن ينطق كل عالم، مقتضى هذا إسقاط دليل الإجماع، وقد ذكر هذا بمعناه ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في كتابه «روضة الناظر» (٢).

إذن الدليل الأول: كل دليل يدل على حجية الإجماع يدل على حجية قول الصحابي، ومن ذلك: قوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}.

إذا سئلت في مسألة يوجد فيها قولٌ للصحابة أو قولان أو ثلاثة أو أربعة: ما أعلى


(١) راجع في ذلك رسالتنا «حجية الإجماع وكشف بعض الشبهات».
(٢) انظر: «روضة الناظر» لابن قدامة (١/ ٤٣٧).

<<  <   >  >>