للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر الشاطبي ـ رحمه الله ـ في موضعين من كتابه «الاعتصام» (١) وذكر قبله ابن العربي (٢) أن الظاهرية مبتدعةٌ؛ لأنهم ضلوا في أصول عظيمة، وقد سبق بحث هذا في رسالة «حجية الإجماع وكشف بعض الشبهات» (٣).

فالمقصود أن قول الظاهرية بجواز إحداث قول جديد هو الذي شاع اليوم عند بعض طلاب العلم، وصاروا يسمون ذلك «مذهب أهل الحديث»، ويقولون: نحن مُحدِّثون، ومعتنون بالحديث، ولا يبالون بأقوال الصحابة، لا في تفسير النص، ولا في ابتداء الحكم، أو يعملون به في تفسير النص، لكن لا يعملون به في ابتداء الحكم، وهذا من التأثر بمذهب الظاهرية.

أما الطائفة الثانية التي ضلَّت في هذا الباب: فهم متعصبة المذاهب الأربعة؛ وذلك أن متعصبة المذاهب الأربعة لم يضلوا في باب الإعراض عن حجية قول الصحابي فحسب، بل حتى عن القرآن والسنة، وعن الإجماع والقياس، وكل أدلة الشريعة، فالمهم عندهم التمسك بالمذهب، وقد كان التعصب للمذاهب الأربعة ميِّتا ودُفن في عصور الأئمة المجددين الثلاثة ابن باز والألباني وابن عثيمين-رحمهم الله-.

وقد انطلقت بداية محاربة التعصب بقوة في عصر الإمام محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله تعالى ـ، حيث حارب التعصب محاربةً شديدةً، كما ذكر ذلك في مواضع مختلفة، منها «الأصول الستة» (٤)، و «كتاب التوحيد» (٥)، وفي رسالته إلى عبد الله بن محمد بن


(١) انظر: «الاعتصام» للشاطبي (٢/ ٤٥٧)، و (٣/ ١٩٨).
(٢) انظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ١٨٨ - ١٩٠) حيث اشتد ابن العربي على الظاهرية وابن حزم، وتعقبه الذهبي في ذلك.
(٣) انظر: «حجية الإجماع وكشف بعض الشبهات» (ص:).
(٤) انظر: «الأصول الستة مع كشف الشبهات- الأصل السادس» لابن عبد الوهاب (ص: ١٤٨).
(٥) انظر: «كتاب التوحيد مع القول المفيد - باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه فقد اتخذهم أربابا» لابن عبد الوهاب (٢/ ١٤٩).

<<  <   >  >>