للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

مقدمتان هامتان

وقبل أن أبدأ بذكر الأدلة على حجية قول الصحابي أقدِّم بمقدمتين هامتين للغاية، وهما - في ظني - مفتاح هذه المسألة:

المقدمة الأولى: ليس قول الصحابي حجة لذاته؛ فالصحابي في نفسه ليس معصومًا، بدليل أن الصحابة يختلفون على قولين، فإذن ليس قول الصحابي في نفسه حجة، وإنما هو حجة لما انضاف إليه، كما قاله الإمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ (١).

وبهذا يجاب على إشكال يردده الظاهرية وبعض المتكلمين ومن تأثر بهم من أهل السنة، يقولون: كيف يقال: إن قول الصحابي حجة، وهو ليس معصوما، وقد يخطئ؟

وجواب هذا الإشكال أن يقال: هذا صحيح، وهو ليس حجة في ذاته، وإنما حجة لما انضاف إليه؛ وذلك أنه بعبارة تقريبية من وجه: صورةٌ من صور نقل الإجماع، فالصحابي إذا قال قولا، ولم يخالف، فإن هذا إجماعٌ، فهو حجةٌ لما انضاف إليه وهو الإجماع.

المقدمة الثانية: قول الصحابي حجةٌ من باب الظن الغالب، وقد نصَّ على هذا ابن القيم في كتابه «إعلام الموقعين» (٢)؛ وذلك أن الإجماع الظني إجماع من باب الظن الغالب؛ لأن الإجماع نوعان: قطعي وظني، فما بني على نصٍّ ظاهر، كقوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، فهو إجماع قطعي، وما ليس كذلك فهو إجماع ظني، فالقول بحجية قول الصحابي هو من باب الظن الغالب.

* * *


(١) انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (٦/ ٣٧).
(٢) انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (٦/ ٢١).

<<  <   >  >>