للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المذهب الحنبلي، فلما فعل أمْرًا، قلت له: إن الذي تفعله مخالفٌ للدليل، قال سبحان الله!، آخذ قولك، وأترك قول الإمام أحمد الذي يحفظ ألف ألف حديث؟

هذا هو التعصب بعينه؛ {إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}.

وحقيقة هذا الاعتراض نقض للتعصب المذهبي - لو عقل - وذلك أن يقال له: آخذ قول أحمد، وأترك قول عمر وعثمان وعلي؛ وهم الصحابة الكرام؟ ثم يأتي شافعي ويقول: آخذ قول أحمد، وأترك قول شيخه الشافعي؟ حتى سمعت أحد الشافعية قبل فترة ابتدأ أول درسه قائلًا: إن المؤلف الذي نريد شرح كتابه على المذهب الشافعي، ثم قال: بهذه المناسبة أدعو من كان حاضرًا عندنا من الحنابلة أن يرجعوا إلى المذهب الشافعي؛ لأن الشافعي شيخ أحمد، وهو ثمرة من ثمرات الشافعي، فارجعوا إلى مذهب الشافعي ... هذا دَرْسٌ في التوحيد واستهله بالتعصب والتقليد؟!.

وعودًا على خبر الرجل الذي قال: آخذ قولك، وأدع قول الإمام أحمد الذي يحفظ ألف ألف حديث؟ فإنه مع المباحثة قال: أنا درست المذاهب الأربعة، وأفقهها جيدًا، لكن لا أترك مذهب أحمد، وقال: وحضرت عند الشيخ السعدي، وكل قول قاله الشيخ السعدي مخالف لقول أحمد، أضرب به عرض الحائط، ثم حضرت سنيات عند الشيخ ابن عثيمين، فكل قول قال ابن عثيمين يخالف مذهب أحمد، أضرب به عرض الحائط.

أرأيتم كيف التعصب؟

إن هذا الرجل لم يصل إلى ما وصل إليه مباشرةً وإنما أولا: تفقه على المذهب، ثم ثانيا: عاب اتباع الدليل؛ إما لأنه صعب عليه أو لأن أحد مشايخه رباه على التعصب باسم التأصيل في الفقه ... الخ.

<<  <   >  >>