للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبد اللطيف الموجودة في «الدرر السنية» (١)، وشدَّد، وبيَّن له حرمة التعصب وأنه لا يصح، وذكر له المناظرة العظيمة التي نقلها ابن عبد البر عن المزني في كتابه «جامع بيان العلم وفضله» (٢)، وأن كل ما يتحجج به المتعصبة، فهو حجةٌ عليهم لا لهم.

وهذا الجمود المذهبي أضر كثيرًا، لكن كان للإمام محمد بن عبد الوهاب دور كبير في القضاء عليه، واشتهرت الدعوة النجدية السلفية بمحاربة التعصب المذهبي؛ لذلك إذا شرحوا المتون الحنبلية يشرحونها ويصوِّرون المسائل، لكن يبيِّنون ما ظهر لهم بالدليل.

وقد يشرحون على المذهب، لكن يبيِّنون اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وما جاء في المذهب من البدع ينكرونها، كالتبرك والقول بالتوسل البدعي وهكذا ... ، ثم يفتون بالدليل الشرعي. وإنما يدرسون المذهب ويتفقهون عليه من باب الوسيلة للتفقه، ولا يبالون بهذه الوسيلة إلى أن جاء الإمام ابن باز والإمام الألباني، والإمام ابن عثيمين، فقضوا على ما بقي من تراث التعصب، وأذكر أن جمعا من الحنابلة الموجودين عندنا في نجد، من المتعصبين للمذهب، في أول أمرهم ما كانوا هكذا، بل كانوا يدرسون من باب الوسيلة، ثم بعد ذلك تعصَّبوا ...

؛وذلك لأنه ما بقي عندهم إلا هذا العلم - وهو التفقه على المذهب من باب الوسيلة-، فذهبت عليهم أعمارهم في هذا الطريق، فاستحيوا أن يقولوا للناس: لا نعلم، ففزعوا إلى التعصب لأنه أسهل لهم، وكثيرٌ من مشايخهم لا يحقق المسائل، ولا يستطيع تحقيقها، فإنْ حقق جملة من المسائل لم يحقق أكثرها؛ فلذلك فزعوا إلى التعصب المذهبي؛ لأنه أسرع طريق ليوصف الرجل بأنه فقيه، فاشتهر هذا إلى أن قضى عليها هؤلاء العلماء الثلاثة، حتى أذكر أنني- قبل أكثر من عشرين سنة - التقيت أحد متعصبة


(١) انظر: «الدرر السنية في الكتب النجدية» (١/ ٣٥ وما بعدها).
(٢) انظر: «جامع بيان العلم وفضله» لابن عبد البر (٢/ ٩٩٢).

<<  <   >  >>