تفسير الصحابي للنص، إما بتخصيص، أو تقييد، أو تبيين
هذا هو القسم الثاني وهو: أن يقول الصحابي قولا في تفسير نص، إما بتخصيص عام، أو تقييد مطلق، أو تبيين مجمل، وما كان كذلك، فإنه حجةٌ؛ لأن الأدلة دلَّت على حجية قول الصحابي ولم تفرِّق بين أن يكون ابتداء أو في تفسير نص.
وبعبارة أخرى: إذا جاء نصٌّ عامٌّ، والنص العام حجةٌ، وجاء قول صحابي خاص، وقول الصحابي حجةٌ على ما تقدَّم، فالعمل بالحجتين أولى من إهمال أحدهما؛ فلذا يُخص العام، ويُقيد المطلق، ويُبين المجمل في مثل هذا بقول الصحابي.
تنبيه: تنازع أهل العلم كثيرًا في أمثلة هذا القسم: هل هو من تفسير النص أو من مخالفة الصحابي للنص؟
فإذا كان من مخالفة الصحابي للنص فإنه يرد؛ لما تقدَّم في تحرير محل النزاع: أن قول الصحابي يرد إذا خالف النص بالإجماع، أما إذا كان تفسيرًا للنص، فإنه حجةٌ على ما تقدم تقريره.
والضابط في هذا ما قرره الإمام ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه «إعلام الموقعين»، قال ـ رحمه الله ـ ما مفاده: إذا خالف الصحابي النص، لا بد أن ينكر عليه صحابيٌّ آخر، فإذا لم ينكر عليه صحابيٌّ آخر، فليس هو من مخالفة النص، وإنما من تبيين النص (١).
فلذا إذا شككت في قول صحابي هل هو مخالف للنص فيرد، أو مفسر له فيقبل؟ ينظر: هل خالفه صحابي آخر أم لا؟ فإذا لم يخالِفه صحابي آخر، فهو من تفسير النص وبيانه.