للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأمثلة على ذلك ما يلي:

المثال الأول: تنازع العلماء في قراءة الجنب للقرآن على قولين: قال ابن عباس فيما علَّقه البخاري: لا بأس للجنب أن يقرأ القرآن (١).

والقول الثاني: ثبت عن عمر وعلي، قال علي فيما رواه ابن أبي شيبة: لا يقرأ، ولا حرفا، يعني: الجنب (٢)، وثبت النهي للجنب عن قراءة القرآن عن عمر عند البيهقي في «الخلافيات» (٣)، فإذن يرجَّح القول بعدم جواز قراءة الجنب للقرآن؛ لأنه قولٌ عليه بعض الخلفاء الراشدين، وإلى هذا ذهب أئمة المذاهب الأربعة (٤).

المثال الثاني: تنازع العلماء في المبيت بمنى للحاج، فذهب ابن عباس إلى أن المبيت بمنى ليس واجبا (٥)، وخالف عمر فيما روى مالك في «الموطأ» (٦)، وكان يرد الناس حتى يبيتوا في منى، فدل هذا على وجوب المبيت بمنى، وهذا هو الصواب، وإلى هذا القول ذهب مالك (٧)، والشافعي (٨)، وأحمد في رواية (٩).

تنبيه: بيَّن ابن القيم أن الأربعة إذا اختلفوا فقول أبي بكر مقدَّمٌ على عمر، وقول أبي بكر وعمر مقدَّمٌ على عثمان، قال: من درس أغوار المسائل ظهرت له هذه المسألة أو شيئا من ذلك (١٠).


(١) أخرجه البخاري تعليقًا في (١/ ٦٨) قبل حديث (٣٠٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١٠٩٢)، وهو عند عبد الرزاق (١٣٠٦) وغيره.
(٣) انظر: «الخلافيات» للبيهقي (٢/ ٣٨) رقم (٣٢٥).
(٤) انظر: «بدائع الصنائع» للكاساني (١/ ٣٧ - ٣٨)، و «الذخيرة» للقرافي (١/ ٣١٦)، و «المهذب مع المجموع» للشيرازي (١/ ٦٤)، «مختصر الخرقي مع المغني» (١/ ٩٦).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة (١٤٦١٤)، وله رأيا آخر مثل رأي عمر - رضي الله عنهما - كما عند ابن أبي شيبة (١٤٦٠٢) أيضًا.
(٦) انظر: «الموطأ - رواية يحيى الليثي» (٩١٠)، ومثله عند ابن أبي شيبة (١٤٦٠٣) وغيره.
(٧) انظر: «المغني» لابن قدامة (٢/ ٢٣١).
(٨) انظر: «المغني» لابن قدامة (٢/ ٢٣١).
(٩) انظر: «المغني» لابن قدامة (٢/ ٢٣١).
(١٠) انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (٥/ ٥٤٦ - ٥٤٧).

<<  <   >  >>