فتىً لا يبالي أن يكونَ بجسمهِ ... إذا نالَ خلاتِ الكرامِ شحوبُ
حليمٌ إذا ما الحلمُ زينَ أهلهُ ... مع الحلمِ في عينِ العدوِّ مهيبُ
إذا ما تراءاهُ الرجالُ تحفظُوا ... فلم تنطقِ العوراءُ وهو قريبُ
ومثل قول أوس بن حجر يرثي فضالة بن كلدة الأسدي بجميع الفضائل التي ذكرناها إلا العفة وحدها فإنه ترك ذكرها، إلا أنه في بعض القصيدة وصفه بالكمال، وفي الكمال كل فضيلة من العفة وغيرها:
أبا دليجةَ من يكفِي العشيرةَ إذ ... أمْسَوْا من الأمرِ في لبسٍ وبلبالِ
أمْ من يكونُ خطيبَ القومِ إذا حفلُوا ... لدى الملوكِ ذوي أيدٍ وإفضالِ
أمْ من لأهلِ لواءٍ في مسكعةٍ ... من خصمهمْ لبسُوا حقاً بإبطالِ
أم من لحيٍّ أضاعُوا بعضَ أمرهمُ ... بينَ القسوطِ وبين الدينِ دلدالِ
فرجتَ غمهمُ وكنتَ غيثهمُ ... حتى استقرتْ نواهم بعد تزوال
فقد رثاه في هذه الأبيات بما جانس العقل والرأي واللسن ونحو ذلك، وقال:
أبا دليجَةَ من تُوصِى بأرملَةٍ ... أمْ منْ لأشعثَ ذي طمرينِ طملالِ
وما خليجٌ من المروتِ ذو حدبٍ ... يرمي الضريرَ بخشبِ الطلحِ والضالِ
يوماً بأجودَ منه حين تسألهُ ... ولا مغبٌّ بترجٍ بين أشبالِ
ليثٌ عليهِ من البرديِّ هبريةٌ ... كالمزبرانيِّ عيالٌ بأوصالِ
يوْماً بأجزا منه جدَّ بادرةٍ ... على كميٍّ بمهوِ الحدِّ فصالِ
فقد رثاه في هذه الأبيات بما جانس البذل والسماحة والجود والشجاعة، ولم يذكر العفة، إلا أنه قال في أول القصيدة:
أمُّ حصانٌ فلم تضربْ بكلتهَا ... قد طُفْتُ في كل هذا الناسِ أحوالِي
على امرئٍ سوقةٍ ممن سمعتُ بهِ ... أندَى وأكملَ منه أيَّ إكمالِ
وقال أوس يرثي فضالة أيضاً:
أيتهَا النفسُ أجملِي جزعَاً ... إن الذي تحذرِين قد وقعَا
إن الذِي جمعَ السماحةَ ... والنجدةَ والحزمَ والقوَى جمَعا
الألمعيَّ الذِي يظن لكَ الظَّ ... نَّ كأنْ قد رأَى وقدْ سمعَا