ولعبد الرحمن بن عبد الله، المعروف، بالقس يصف إصغاء السامعين إلى الغناء الحسن المطرب، وهو في سلامة:
إذا ما عجَّ مزهرُها إليها ... وعاجتْ نحوهُ أذنٌ كرامُ
فأصغْوا نحوهَا الأسماعَ حتَّى ... كأنهمُ وما نامُوا نيامُ
وللمرار بن منقذ أحد بلعدوية يصف، الفرس الكريم:
ذو مراحٍ فإذا وقرتهُ ... فذلولٌ حسنُ الخلقِ يسرْ
وليزيد بن مالك الغامدي يصف فعل سنابك الخيل في الأرض:
يثرنَ بسهلِ الأرضِ مما يطسنَه ... عجاجاً وبالصفاحِ نارَ الحباحبِ
ولعدي بن الرقاع العاملي يصف فعل سنابك الحمارين إذا عدوا:
يتعاورانِ من الغبار ملاءةً ... غبراءَ محكمةً همَا نسجاهَا
تطوَى إذا علوَا مكاناً ناشِزاً ... وإذا السنابكُ أسهلتْ نشراهَا
ولذي الرمة:
ترىَ الخودَ يكرهنَ الرياحَ إذا جرتْ ... ومىٌّ بها لولا التحرجُ تفرحُ
إذا ضربتْها الريحُ في المرْط أشرفَت ... روادفُها وانضمَّ منها الموشحُ
ولنتبع القول في الوصف القول في النسيب.
[نعت النسيب]
أقول: إن كثيراً من الناس يحتاج إلى أن يعلم أولاً ما النسيب، ونحنن نحده فنقول: إن النسيب ذكر الشاعر خلق النساء وأخلاقهن، وتصرف أحوال الهوى به معهن.
وقد يذهب على قوم أيضاً موضع الفرق ما بين النسيب والغزل، والفرق بينهما أن الغزل هو المعنى الذي إذا اعتقده الإنسان في الصبوة إلى النساء نسب بهن من أجله، فكأن النسيب ذكر الغزل، والغزل المعنى نفسه، والغزل إنما هو التصابي والاستهتار بمودات النساء، ويقال في الإنسان: إنه غزل، إذا كان متشكلاً بالصورة التي تليق بالنساء، وتجانس موافقاتهن لحاجته