كإرخاء السرحان، وتقريب كتقريب التنفل.
ومنها: أن يشبه شيء بأشياء في بيت أو لفظ قصير، وذلك كما قال امرؤ القيس:
وتَعْطو برخصٍ غيرِ شثنِ كأنَّه ... أساريعُ ظبيٍ أو مساويكُ إسحلِ
ومنها: أن يشبه شيء في تصرف أحواله بأشياء تشبهه في تلك الأحوال، كما قال امرؤ القيس يصف الدرع في حال طيها:
ومشدودةَ السكِّ موضونةً ... تضاءلُ في الطيِّ كالمبردِ
ثم وصفها في حال النشر في هذه الأبيات فقال:
تفيضُ على المرءِ أردانُها ... كفيضِ الآتيِّ على الجدجدِ
وكما قال يزيد بن الطثرية يشبه رأسه في حال كون الجمة عليه وبعد حلق ثور أخيه إياها:
فأصبحَ رأسِي كالصخيرةِ أشرفتْ ... علَيها عقابٌ ثم طارتُ عقابُها
فقد أحسن يزيد في هذا البيت، حيث تصرف فيه في التشبيه، وأحسن أيضاً في تشبيه رأسه بعد الحلق بالصخرة، وذلك أنه قريب منها في الضخامة والملامسة واللون المائل إلى الخضرة.
وقد قال بعضهم في مثل ذلك:
جلاميدُ أملاءُ الأكفِّ كأنَّها ... رؤوسُ رجالٍ حلقتْ في المواسمِ
وقال الحسين بن مطير الأسدي، يشبه أفعال رجل مات وكان جواداً:
فتىً عيشَ في معروفِه بعدَ موتِه ... كما كانَ بعدَ السيْل مجرَاه مرتَعا
[التصرف في التشبيه]
ومن أبواب التصرف في التشبيه أن يكون الشعراء قد لزموا طريقاً واحداً في تشبيه شيء بشيء، فيأتي الشاعر من تشبيهه بغير الطريق التي أخذ فيها عامة الشعراء.
مثال ذلك أن أكثر الشعراء يشبهون الخوذ بالبيض، كما قال سلامة بن جندل:
كأنَّ النعامَ باض فوق رؤسهمْ ... بنهيِ القذافِ أو بنهيٍ مخفقِ
وقال معقر البارقي:
كأنَّ نعامَ الدوِّ باضَ عليهمُ ... وأعينهمْ تحت الحبيك الجواحرُ